| انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الأربعاء مايو 20, 2009 7:18 am | |
|
رواية رائعه من أجمل ما قرأت فأردتكم ان تشاركونى روعتها... سأسردها لكم على شكل حلقات وان شاء الله تنال اعجابكم فكونوا معى ... مع خالص تقديرى البدايه ,,انتِ لي ,,
للدكتوره ,,تمر حنا ,,
[الحلقةالأولى]
*********
مخلوقة إقتحمت حياتي
توفي عمي و زوجته في حادث مؤسف قبل شهرين، و تركا طفلتهما الوحيدة ( رغد ) و التي تقترب من الثانية من عمرها ... لتعيش يتيمة مدى الحياة .
في البداية ، بقيت الصغيرة في بيت خالتها لترعاها ، و لكن ، و نظرا لظروف خالتها العائلية ، اتفق الجميع على أن يضمها والدي إلينا و يتولى رعايتها من الآن فصاعدا .
أنا و أخوتي لا نزال صغارا ، و لأنني أكبرهم سنا فقد تحولت فجأة إلى رجل راشد و مسؤول بعد حضور رغد إلى بيتنا .
كنا ننتظر عودة أبي بالصغيرة ، (سامر) و ( دانة ) كانا في قمة السعادة لأن عضوا جديدا سينضم إليهما و يشاركهما اللعب !
أما والدتي فكانت متوترة و قلقة
أنا لم يعن ِ لي الأمر الكثير
أو هكذا كنت أظن
وصل أبي أخيرا
قبل أن يدخل الغرفة حيث كنا نجلس وصلنا صوت صراخ رغد!
سامر و دانة قفزا فرحا و ذهبا نحو الباب راكضين
" بابا بابا ... أخيرا ! "
قالت دانه و هي تقفز نحو أبي ، و الذي كان يحمل رغد على ذراعه و يحاول تهدئتها لكن رغد عندما رأتنا ازدادت صرخاتها و دوت المنزل بصوتها الحاد !
تنهدت و قلت في نفسي
" أوه ! ها قد بدأنا ! "
أخذت أمي الصغيرة و جعلت تداعبها و تقدم إليها الحلوى علها تسكت
في الواقع ، لقد قضينا وقتا عصيبا و مزعجا مع هذه الصغيرة ذلك اليوم .
" أين ستنام الطفلة ؟ "
سأل والدي والدتي مساء ذلك اليوم .
" مع سامر و دانه في غرفتهما ! "
دانه قفزت فرحا لهذا الأمر ، إلا أن أبي قال
" لا يمكن يا أم وليد ! دعينا نبقيها معنا بضع ليال إلى أن تعتاد أجواء المنزل، أخشى أن تستيقظ ليلا و تفزع و نحن بعيدان عنها ! "
و يبدو أن أمي استساغت الفكرة ، فقالت
" معك حق ، إذن دعنا ننقل السرير إلى غرفتنا "
ثم التفتت إلي
" وليد ،انقل سرير رغد إلى غرفتنا "
اعترض والدي
" سأنقله أنا ، إنه ثقيل ! "
قالت أمي
" لكن وليد رجل قوي ! إنه من وضعه في غرفة الصغيرين على أية حال ! "
(( رجل قوي )) هو وصف يعجبني كثيرا !
أمي أصبحت تعتبرني رجلا و أنا في الحادية عشرة من عمري ! هذا رائع
قمت بكل زهو و ذهبت إلى غرفة شقيقي و نقلت السرير الصغير إلى غرفة والدي .
عندما عدتُ إلى حيث كان البقية يجلسون ، وجدتُ الصغيرة نائمة بسلام
لابد أنها تعبت كثيرا بعد ساعات الصراخ و البكاء التي عاشتها هذا اليوم
أنا أيضا أحسست بالتعب، و لذلك أويت إلى فراشي باكرا .
~~~~~~~~~
نهضت في ساعة مبكرة من اليوم التالي على صوت صراخ اخترق جدران الغرفة من حدته
إنها رغد المزعجة
خرجت من غرفتي متذمرا ، و ذهبت إلى المطبخ المنبعثة منه صرخات ابنة عمي هذه
" أمي ! أسكتي هذه المخلوقة فأنا أريد أن أنام ! "
تأوهت أمي و قالت بضيق
" أو تظنني لا أحاول ذلك ! إنها فتاة ٌصعبة ٌ جدا ! لم تدعنا ننام غير ساعتين أو ثلاث والدك ذهب للعمل دون نوم ! "
كانت رغد تصرخ و تصرخ بلا توقف .
حاولت أن أداعبها قليلا و أسألها
" ماذا تريدين يا صغيرتي ؟ "
لم تجب
حاولت أن أحملها و أهزها ... فهاجمتني بأظافرها الحادة
و أخيرا أحضرت إليها بعض ألعاب دانه فرمتني بها
إنها طفلة مشاكسة ، هل ستظل في بيتنا دائما ؟؟؟ ليتهم يعيدوها من حيث جاءت
في وقت لاحق ، كان والداي يتناقشان بشأنها .
" إن استمرت بهذه الحال يا أبا وليد فسوف تمرض ! ماذا يمكنني أن أفعل من أجلها ؟ "
" صبرا يا أم وليد ، حتى تألف العيش بيننا "
قاطعتهما قائلا
" و لماذا لا تعيدها إلى خالتها لترعاها ؟ ربما هي تفضل ذلك ! "
أزعجت جملتي هذه والدي فقال
" كلا يا وليد ، إنها ابنة أخي و أنا المسؤول عن رعايتها من الآن فصاعدا . مسألة وقت و تعتاد على بيتنا "
و يبدو أن هذا الوقت لن ينتهي
مرت عدة أيام و الصغيرة على هذه الحال ، و إن تحسنت بعض الشيء و صارت تلعب مع دانه و سامر بمرح نوعا ما
كانت أمي غاية في الصبر معها ، كنت أراقبها و هي تعتني بها ، تطعمها ، تنظفها ، تلبسها ملابسها ، تسرح شعرها الخفيف الناعم !
مع الأيام ، تقبلت الصغيرة عائلتها الجديدة ، و لم تعد تستيقظ بصراخ و كان على وليد ( الرجل القوي ) أن ينقل سرير هذه المخلوقة إلى غرفة الطفلين !
بعد أن نامت بهدوء ، حملتها أمي إلى سريرها في موضعه الجديد . كان أخواي قد خلدا للنوم منذ ساعة أو يزيد .
أودعت الطفلة سريرها بهدوء .
تركت والدتي الباب مفتوحا حتى يصلها صوت رغد فيما لو نهضت و بدأت بالصراخ
قلت :
" لا داعي يا أمي ! فصوت هذه المخلوقة يخترق الجدران ! أبقه مغلقا "
ابتسمت والدتي براحة ، و قبلتني و قالت
" هيا إلى فراشك يا وليد البطل ! تصبح على خير "
كم أحب سماع المدح الجميل من أمي
إنني أصبحت بطلا في نظرها ! هذا شيء رائع ... رائع جدا
و نمت بسرعة قرير العين مرتاح البال .
الشيء الذي أنهضني و أقض مضجعي كان صوتا تعودت سماعه مؤخرا
إنه بكاء رغد
يا لهذه الـ رغد ... ! متى تسكتيها يا أمي!
طال الأمر ، لم أعد أحتمل ، خرجت من غرفتي غاضبا و في نيتي أن أتذمر بشدة لدى والدتي ، إلا أنني لاحظت أن الصوت منبعث من غرفة شقيقي ّ نعم ، فأنا البارحة نقلت سريرها إلى هناك
ذهبت إلى غرفة شقيقي ّ ، و كان الباب شبه مغلق ، فوجدت الطفلة في سريرها تبكي دون أن ينتبه لها أحد منهما
لم تكن والدتي موجودة معها .
اقتربت منها و أخذتها من فوق السرير ، و حملتها على كتفي و بدأت أطبطب عليها و أحاول تهدئتها .
و لأنها استمرت في البكاء ، خرجت بها من الغرفة و تجولت بها قليلا في المنزل
لم يبد ُ أنها عازمة على السكوت!
يجب أن أوقظ أمي حتى تتصرف
كنت في طريقي إلى غرفة أمي لإيقاظها ، و لكن
توقفت في منتصف الطريق ، و عدت أدراجي ... و دخلت غرفتي و أغلقت الباب .
والدتي لم تذق للراحة طعما منذ أتت هذه الصغيرة إلينا .
و والدي لا ينام كفايته بسببها .
لن أفسد عليهما النوم هذه المرة
جلست على سريري و أخذت أداعب الصغيرة المزعجة و ألهيها بطريقة أو بأخرى حتى تعبت ، و نامت ، بعد جهد طويل
أدركت أنها ستنهض فيما لو حاولت تحريكها ، لذا تركتها نائمة ببساطة على سريري و لا أدري ، كيف نمت ُ بعدها !
هذه المرة استيقظت على صوت أمي
" وليد ! ما الذي حدث ؟ "
" آه أمي ! "
ألقيت نظرة من حولي فوجدتني أنام إلى جانب الصغيرة رغد ، و التي تغط في نوم عميق و هادىء
" لقد نهضت ليلا و كانت تبكي .. لم أشأ إزعاجك لذا أحضرتها إلى هنا
ابتسمت والدتي ، إذن فهي راضية عن تصرفي ، و مدت يدها لتحمل رغد فاعترضت
" أرجوك لا ! أخشى أن تنهض ، نامت بصعوبة ! "
و نهضت عن سريري و أنا أتثاءب بكسل .
" أدي الصلاة ثم تابع نومك في غرفة الضيوف . سأبقى معها "
ألقيت نظرة على الصغيرة قبل نهوضي
يا للهدوء العجيب الذي يحيط بها الآن
بعد ساعات ، و عندما عدت إلى غرفتي ، وجدت دانه تجلس على سريري بمفردها . ما أن رأتني حتى بادرت بقول :
" أنا أيضا سأنام هنا الليلة ! "
أصبح سريري الخاص حضانة أطفال
فدانه ، و البالغة من العمر 5 سنوات ، أقامت الدنيا و أقعدتها من أجل المبيت على سريري الجذاب هذه الليلة ، مثل رغد
ليس هذا الأمر فقط ، بل ابتدأت سلسلة لا نهائية من ( مثل رغد
ففي كل شيء ، تود أن تحظى بما حظيت به رغد . و كلما حملت أمي رغد على كتفيها لسبب أو لآخر ، مدت دانه ذراعيها لأمها مطالبة بحملها (مثل رغد
أظن أن هذا المصطلح يسمى ( الغيرة
يا لهؤلاء الأطفال
كم هي عقولهم صغيرة و تافهة
~~~~~~
كانت المرة الأولي و لكنها لم تكن الأخيرة ... فبعد أيام ، تكرر نفس الموقف ، و سمعت رغد تبكي فأحضرتها إلى غرفتي و أخذت ألاعبها .
هذه المرة استجابت لملاعبتي و هدأت ، بل و ضحكت
و كم كانت ضحكتها جميلة ! أسمعها للمرة الأولى
فرحت بهذا الإنجاز العظيم ! فأنا جعلت رغد الباكية تضحك أخيرا
و الآن سأجعلها تتعلم مناداتي باسمي
" أيتها الصغيرة الجميلة ! هل تعرفين ما اسمي ؟ "
نظرت إلي باندهاش و كأنها لم تفهم لغتي . إنها تستطيع النطق بكلمات مبعثرة ، و لكن ( وليد ) ليس من ضمنها
" أنا وليد ! "
لازالت تنظر إلى باستغراب
" اسمي وليد ! هيا قولي : وليد ! "
لم يبد ُ الأمر سهلا ! كيف يتعلم الأطفال الأسماء ؟
أشرت إلى عدة أشياء ، كالعين و الفم و الأنف و غيرها ، كلها أسماء تنطق بها و تعرفها . حتى حين أسألها :
" أين رغد ؟ "
فإنها تشير إلى نفسها .
" و الآن يا صغيرتي ، أين وليد ؟ "
أخذت أشير إلى نفسي و أكرر :
" وليد ! وليـــد ! أنا وليد
أنت ِ رغد ، و أنا وليد
من أنتِ ؟ "
" رغد "
" عظيم ! أنتِ رغد ! أنا وليد ! هيا قولي وليد ! قولي أنت َ وليد ! "
كانت تراقب حركات شفتيّ و لساني ، إنها طفلة نبيهة على ما أظن .
و كنت مصرا جدا على جعلها تنطق باسمي !
" قولي : أنــت ولـيـــد ! ولــيـــــــد ...
قولي : وليد ... أنت ولـــــيـــــــــــــــــــــد ! "
" أنت َ لــــــــــــــــــــي "
كانت هذه هي الكلمة التي نطقت بها رغد
( أنت َ لي ! )
للحظة ، بقيت اتأملها باستغراب و دهشة و عجب
فقد بترت اسمي الجميل من الطرفين و حوّلته إلى ( لي ) بدلا من ( وليد ) !
ابتسمت ، و قلت مصححا :
" أنت َ وليـــــــــــــد ! "
" أنت َ لــــــــــــــــــي "
كررت جملتها ببساطة و براءة
لم أتمالك نفسي ، وانفجرت ضحكا
و لأنني ضحكت بشكل غريب فإن رغد أخذت تضحك هي الأخرى
و كلما سمعت ضحكاتها الجميلة ازدادت ضحكاتي
سألتها مرة أخرى :
" من أنا ؟ "
" أنت َ لـــــــــــــي "
يا لهذه الصغيرة المضحكة
حملتها و أخذت أؤرجحها في الهواء بسرور
منذ ذلك اليوم ، بدأت الصغيرة تألفني ، و أصبحت أكبر المسؤولين عن تهدئتها متى ما قررت زعزعة الجدران بصوتها الحاد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[/center][/color]
عدل سابقا من قبل هلا في الأربعاء مايو 20, 2009 4:10 pm عدل 1 مرات | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الأربعاء مايو 20, 2009 7:29 am | |
| انتهت العطلة الصيفية و عدنا للمدارس
كنت كلما عدت من المدرسة ، استقبلتني الصغيرة رغد استقبالا حارا
كانت تركض نحوي و تمد ذراعيها نحوي ، طالبة أن أحملها و أؤرجحها في الهواء
كان ذلك يفرحها كثيرا جدا ، و تنطلق ضحكاتها الرائعة لتدغدغ جداران المنزل
و من الناحية الأخرى ، كانت دانة تطلق صرخات الاعتراض و الغضب ، ثم تهجم على رجلي بسيل من الضربات و اللكمات آمرة إياي بأن أحملها ( مثل رغد ) .
و شيئا فشيا أصبح الوضع لا يطاق ! و بعد أن كانت شديدة الفرح لقدوم الصغيرة إلينا أصبحت تلاحقها لتؤذيها بشكل أو بآخر
في أحد الأيام كنت مشغولا بتأدية واجباتي المدرسية حين سمعت صوت بكاء رغد الشهير
لم أعر الأمر اهتماما فقد أصبح عاديا و متوقعا كل لحظة .
تابعت عملي و تجاهلت البكاء الذي كان يزداد و يقترب
انقطع الصوت ، فتوقعت أن تكون أمي قد اهتمت بالأمر .
لحظات ، وسمعت طرقات خفيفة على باب غرفتي .
" أدخل ! "
ألا أن أحدا لم يدخل .
انتظرت قليلا ، ثم نهضت استطلع الأمر
و كم كانت دهشتي حين رأيت رغد واقفة خلف الباب
لقد كانت الدموع تنهمر من عينيها بغزارة ، و وجهها عابس و كئيب ، و بكاؤها مكبوت في صدرها ، تتنهد بألم ... و بعض الخدوش الدامية ترتسم عشوائيا على وجهها البريء ، و كدمة محمرة تنتصف جبينها الأبيض
أحسست بقبضة مؤلمة في قلبي
" رغد ! ما الذي حدث ؟؟؟ "
انفجرت الصغيرة ببكاء قوي ، كانت تحبسه في صدرها
مددت يدي و رفعتها إلى حضني و جعلت أطبطب عليها و أحاول تهدئتها .
هذه المرة كانت تبكي من الألم .
" أهي دانة ؟ هل هي من هاجمك ؟ "
لابد أنها دانة الشقية !
شعرت بالغضب ، و توجهت إلى حيث دانة ، و رغد فوق ذراعي .
كانت دانة في غرفتها تجلس بين مجموعة من الألعاب .
عندما رأتني وقفت ، و لم تأت إلي طالبة حملها ( مثل رغد ) كالعادة ، بل ظلت واقفة تنظر إلى الغضب المشتعل على وجهي .
" دانة أأنت من ضرب رغد الصغيرة ؟ "
لم تجب ، فعاودت السؤال بصوت أعلى
" ألست من ضرب رغد ؟ أيتها الشقية ؟ "
" إنها تأخذ ألعابي ! لا أريدها أن تلمس ألعابي "
اقتربت من دانة و أمسكت بيدها و ضربتها ضربة خفيفة على راحتها و أنا أقول
" إياك أن تكرري ذلك أيها الشقية و إلا ألقيت بألعابك من النافذة "
لم تكن الضربة مؤلمة إلا أن دانة بدأت بالبكاء
أما رغد فقد توقفت عنه ، بينما ظلت آخر دمعتين معلقتين على خديها المشوهين بالخدوش
نظرت إليها و مسحت دمعتيها
ما كان من الصغيرة إلا أن طبعت قبلة مليئة باللعاب على خدي امتنانا
ابتسمت ، لقد كانت المرة الأولى التي تقبلني فيها هذه المخلوقة ! إلا أنها لم تكن الأخيرة
~~~~~~
توالت الأيام و نحن على نفس هذه الحال
إلا أن رغد مع مرور الوقت أصبحت غاية في المرح
أصبحت بهجة تملأ المنزل ... و تعلق الجميع بها و أحبوها كثيرا
إنها طفلة يتمنى أي شخص أن تعيش في منزله
و لأن الغيرة كبرت بين رغد و دانة مع كبرهما ، فإنه كان لابد من فصل الفتاتين في غرفتين بعيدا عن بعضهما ، و كان علي نقل ذلك السرير و للمرة الثالثة إلى مكان آخر
و هذا المكان كان غرفة وليد
ظلت رغد تنام في غرفتي لحين إشعار آخر .
في الواقع لم يزعجني الأمر ، فهي لم تعد تنهض مفزوعة و تصرخ في الليل إلا نادرا
كنت أقرأ إحدى المجلات و أنا مضطجع على سريري ، و كانت الساعة العاشرة ليلا و كانت رغد تغط في نوم هادئ
و يبدو أنها رأت حلما مزعجا لأنها نهضت فجأة و أخذت تبكي بفزع
أسرعت إليها و انتشلتها من على السرير و أخذت أهدئ من روعها
كان بكاؤها غريبا ... و حزينا
" اهدئي يا صغيرتي ... هيا عودي للنوم ! "
و بين أناتها و بكاؤها قالت :
" ماما "
نظرت إلى الصغيرة و شعرت بالحزن
ربما تكون قد رأت والدتها في الحلم
" أتريدين الـ ماما أيتها الصغيرة ؟ "
" ماما "
ضممتها إلى صدري بعطف ، فهذه اليتيمة فقدت أغلى من في الكون قبل أن تفهم معناهما
جعلت أطبطب عليها ، و أهزها في حجري و أغني لها إلى أنا استسلمت للنوم .
تأملت وجهها البريء الجميل ... و شعرت بالأسى من أجلها .
تمنيت لحظتها لو كان باستطاعتي أن أتحول إلى أمها أو أبيها لأعوضها عما فقدت
صممت في قرارة نفسي أن أرعى هذه اليتيمة و أفعل كل ما يمكن من أجلها
و قد فعلت الكثير
و الأيام .... أثبتت ذلك
~~~~~~
ذهبنا ذات يوم إلى الشاطئ في رحلة ممتعة ، و لكوننا أنا و أبي و سامر الصغير ( 8 سنوات ) نجيد السباحة ، فقد قضينا معظم الوقت وسط الماء .
أما والدتي ، فقد لاقت وقتا شاقا و مزعجا مع دانة و رغد
كانت رغد تلهو و تلعب بالرمال المبللة ببراءة ، و تلوح باتجاهي أنا و سامر ، أما دانة فكانت لا تفتأ تضايقها ، تضربها أو ترميها بالرمال
" وليد ، تعال إلى هنا "
نادتني والدتي ، فيما كنت أسبح بمرح .
" نعم أمي ؟ ماذا تريدين ؟ "
و اقتربت منها شيئا فشيئا . قالت
" خذ رغد لبعض الوقت ! "
" ماذا ؟؟؟ لا أمي ! "
لم أكن أريد أن أقطع متعتي في السباحة من أجل رعاية هذه المخلوقة ! اعترضت :
" أريد أن أسبح ! "
" هيا يا وليد ! لبعض الوقت ! لأرتاح قليلا "
أذعنت للأمر كارها ... و توجهت للصغيرة و هي تعبث بالرمال ، و ناديتها
" هيا يا رغد ! تعالي إلي ! "
ابتهجت كثيرا و أسرعت نحوي و عانقت رجي المبللة بذراعيها العالقة بهما حبيبات الرمل الرطب ، و بكل سرور
جلست إلى جانبها و أخذت أحفر حفرة معها . كانت تبدو غاية في السعادة أما أنا فكنت متضايقا لحرماني من السباحة
اقتربت أكثر من الساحل ، و رغد إلى جانبي ، و جعلتها تجلس عند طرفه و تبلل نفسها بمياه البحر المالحة الباردة
رغد تكاد تطير من السعادة ، تلعب هنا و هناك ، ربما تكون المرة الأولى بحياتها التي تقابل فيها البحر
أثناء لعبها تعثرت و وقعت في الماء على وجهها
" أوه كلا ! "
أسرعت إليها و انتشلتها من الماء ، كانت قد شربت كميه منه ، و بدأت بالسعال و البكاء معا .
غضبت مني والدتي لأنني لم أراقبها جيدا
" وليد كيف تركتها تغرق ؟ "
" أمي ! إنها لم تغرق ، وقعت لثوان لا أكثر "
" ماذا لو حدث شيء لا سمح الله ؟ يجب أن تنتبه أكثر . ابتعد عن الساحل . "
غضبت ، فأنا جئت إلى هنا كي استمتع بالسباحة ، لا لكي أراقب الأطفال
" أمي اهتمي بها و أنا سأعود للبحر "
و حملتها إلى أمي و وضعتها في حجرها ، و استدرت مولّيا
في نفس اللحظة صرخت دانة معترضة و دفعت برغد جانبا ، قاصدة إبعادها عن أمي
رغد ، و التي لم تكد تتوقف عن البكاء عاودته من جديد
" أرأيت ؟ "
استدرت إلى أمي ، فوجدت الطفلة البكاءة تمد يديها إلي
كأنها تستنجد بي و تطلب مني أخذها بعيدا
عدت فحملتها على ذراعي فتوقفت عن البكاء ، و أطلقت ضحكة جميلة
يا لخبث هؤلاء الأطفال
نظرت إلى أمي ، فابتسمت هي الأخرى و قالت
" إنها تحبك أنت َ يا وليد ! "
قبيل عودتنا من هذه الرحلة ، أخذت أمي تنظف الأغراض ، و الأطفال
" وليد ، نظف أطراف الصغيرة و ألبسها هذه الملابس "
تفاجأت من هذا الطلب ، فأنا لم أعتد على تنظيف الأطفال أو إلباسهم الملابس
ربما أكون قد سمعت شيئا خطا
" ماذا أمي ؟؟؟ "
" هيا يا وليد ، نظف الرمال عنها و ألبسها هذه ، فيما اهتم أنا بدانة و بقية الأشياء "
كنت أظن أنني أصبحت رجلا ، في نظر أمي على الأقل
و لكن الظاهر أنني أصبحت أما
أما جديدة لرغد
نعم ... لقد كنت أما لهذه المخلوقة
فأنا من كان يطعمها في كثير من الأحيان ، و ينيمها في سريره ، و يغني لها ، و يلعب معها ، و يتحمل صراخها ، و يستبدل لها ملابسها في أحيان أخرى
و في الواقع
كنت أستمتع بهذا الدور الجديد
و في المساء ، كنت أغني لها و أتعمد أن أجعلها تنام في سريري ، و أبقى أتأمل وجهها الملائكي البريء الرائع ... و أشعر بسعادة لا توصف
هكذا ، مرت الأيام
و كبرنا ... شيئا فشيئا
و أنا بمثابة الأم أو المربية الخاصة بالمدللة رغد ، و التي دون أن أدرك ... أو يدرك أحد ... أصبحت تعني لي
أكثر من مجرد مخلوقة مزعجة اقتحمت حياتي منذ الصغر | |
|
| |
عابر سبيل اشراف وتنظيم
الجنس : عدد المشاركات : 591 تاريخ الميلاد : 05/03/1988 العمر : 36 الموقع : السعودية - الرياض المزاج : no comment!!!!! تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الأربعاء مايو 20, 2009 9:27 am | |
| طلب
الى الاخت هلا اكمليها حتى النهاية ،،،،
والله بي جد رواية ولا احلى ............
اهم حاجه ما تبقينى معلقين ننتظر الباقي .........
| |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الأربعاء مايو 20, 2009 11:54 am | |
| الاخ الفاضل المقدام مرورك اسعدنى جدا اهم حاجه انها نالت اعجابك عقبال تنال اعجاب بقية الاعضاء يلاعشان تشجعونى وانزلها كامله مع خالص ودى | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الأربعاء مايو 20, 2009 12:02 pm | |
| الحلقه الثانيه
(مهوسة بك)
في كل ليلة أقرأ قصة قصيرة لصغيرتي رغد قبل النوم . و هذه هي آخر ليلة تباتها رغد في غرفتي بعد ثلاث سنوات من قدومها للمنزل .
ثلاث سنوات من الرعاية و الدلال و المحبة أوليتها جميعا لصغيرتي ، كأي أم أو أب !
إنها الآن في السادسة و قد ألحقناها بالمدرسة هذا العام و كانت في غاية السعادة !
في كل يوم عندما تعود تخبرني بعشرات الأشياء التي شاهدتها أو تعلمتها في المدرسة . و في كل يوم بعد تناولها الغذاء أتولى أنا تعليمها دروسها البسيطة
و قد كانت تلميذة نجيبة !
بعد الانتهاء من الدروس تأخذ صغيرتي دفتر التلوين الخاص بها و علبة الألوان ، و تجلس على سريرها و تبدأ بالتلوين بهدوء
تقريبا بهدوء !
" وليد لوّن معي
لقد كنت شارذا و أنا أتأملها و أتخيل أنني و منذ الغد لن أجد سريرها في تلك الزاوية و أستمع إلى ( هذيانها ) و تحدثها إلى نفسها قبل النوم !
" و ليــــــــــــــــد لوّن معي
هذه المرة انتبهت إلى صوتها الحاد ، نظرت إليها و ابتسمت ! لقد كنت ُ كثيرا ما ألوّن معها في هذا الدفتر أو غيره ! و هي تحلق سعادة حينما تراقبني و أنا ألون !
أطفال ... فقط أطفال
" حسنا "
قلت ذلك و هممت بالنهوض من على سريري و التوجه إليها ، و لكنها و بسرعة قفزت هي و دفترها و علبة ألوانها و هبطت فوق سريري في ثانيتين !
بدأت كالعادة تختار لي الصفحة التي تريد مني تلوينها و قد كانت رسمة لفتاة صغيرة تحمل حقيبة المدرسة
" صغيرتي ... لم لا تلونين هذه ؟ فهي تشبهك ! "
قلت لها ذلك ، فابتسمت و أخذت تقلب دفترها بحثا عن شيء ما ، ثم قالت
" لا يوجد ولد يشبهك ! سأرسمك ! "
و أمسكت بالقلم و أخذت ( ترسمني ) في إحدى الصفحات ... و كم كانت الرسمة مضحكة ، و لاحظت أنها رسمت خطا طويلا أسفل الأنف !
" ما هذا ؟؟ "
" شارب ! "
" ماذا !؟ و لكن أنا لا شارب لدي
" عندما تكبر مثل أبي سيكون لديك شارب طويل هكذا لأنك طويل
ضحكت ُ كثيرا كما ضحكت هي الأخرى
إن طولي قد أزداد بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة ، و يبدو أنني سأصبح أطول من والدي
قمنا بعد ذلك بتلوين الصورتين ( رغد الصغيرة ، و وليد ذي الشارب الطويل
من كان منا يتوقع ... أن هاتين الصورتين ستعيشان معنا ... كل ذلك العمر ...؟؟؟
عندما حل الظلام ، قمت بنقل سرير رغد و أشيائها الأخرى إلى غرفتها الجديدة . و كانت صغيرة و مجاورة لغرفتي .
الصغيرة كانت مسرورة للغاية ، فقد أصبح لها غرفتها الخاصة مثل دانة و لم يعد بمقدور دانة أن ( تعيّرها ) كما كانت تفعل دائما .
العلاقة بين هاتين الفتاتين كانت سيئة
بالنسبة لي ، كنت ُ حزينا بهذا الحدث ... فأنا أرغب في أن تبقى الصغيرة معي و تحت رعايتي أكثر من ذلك ... إنها تعني لي الكثير
انتهينا أنا و أمي من ترتيب الأشياء في الغرفة ، و رغد تساعدنا . قالت أمي بعد ذلك :
" و الآن يا رغد ... هاقد أصبح لديك غرفة خاصة ! اعتني بها جيدا
" حسنا ماما "
و جاء صوت دانة من مكان ما قائلة :
" لكن غرفتي هي الأجمل . هذه صغيرة و وحيدة مثلك "
جميعنا استدرنا نحو دانة ، و بعين الغضب . فهي لا تترك فرصة لمضايقة رغد إلا و استغلتها .
" لكنني لست ُ وحيدة ، و لن أشعر بالخوف لأن وليد قريب مني "
" لكن وليد ليس أمك و لا أباك و لا أخاك ! إذن أنت وحيدة "
هذه المرة والدتي زجرت دانة بعنف و أمرتها بالانصراف . لقد كانت لدي رغبة في صفع هذه الفتاة الخبيثة لكنني لم أشأ أن أزيد الأمر تعقيدا .
إنني أدرك أن الأمور تزداد سوءا بين دانة و رغد ، و لا أدري إن كان الوضع سيتغير حالما تكبران
اعتقدت أن الأمر قد انتهى في وقته ، إلا أنه لم ينته
بينما كنت غاطا في نومي ، سمعت صوتا أيقظني من النوم بفزع
عندما فتحت عيني رأيت خيال شخص ما يقف إلى جانبي ... كان الظلام شديدا و كنت ُ بين النوم و الصحوة ... استيقظت فجأة و استطاعت طبلة أذني التقاط الصوت و تمييزه
كانت رغد !
نهضت ، و أنرت ُ المصباح المجاور ، و من خلال إنارته الخفيفة لمحت ُ ومض دموع تسيل على خد الصغيرة
مددت ُ يدي و تحسست وجهها الصغير فبللتني الدموع
" رغد ! ما بك عزيزتي ؟ "
قفزت رغد إلى حضني و أطلقت صرخات بكاء قوية و حزينة ... إنني لم أر َ دموع غاليتي هذه منذ أمد بعيد ... فكيف لي برؤيتها بهذه الحال ؟؟
" رغد ... أخبريني ماذا حدث ؟ هل رأيت حلما مزعجا ؟؟ "
اندفعت و هي تقول كلماتها هذه بشكل مبعثر و مضطرب ... و بمرارة و حزن عميقين
" لماذا ليس لدي أم ؟
لماذا مات أبي ؟
هل الله لا يحبني لذلك لم يعطني أما و لا أبا ؟
هل صحيح أن هذا ليس بيتي ؟
أين بيتي إذن فأنا أريد أن يصبح لدي غرفة كبيرة و جميلة مثل غرفة دانة "
طوقت الصغيرة بذراعي و جعلت أمسح رأسها و دموعها و أهدئ من حالتها
لم أكن أتخيل أن مثل هذه التساؤلات تدور في رأس طفلة صغيرة في السادسة من العمر
بل إنها لم تذكر لي شيئا كهذا من قبل رغم ثرثرتها التي لا تكاد تنتهي حين تبدأ
" صغيرتي رغد ! ما هذا الكلام ! من قال لك ذلك ؟ "
" دانة دائما تقول هذا ... هي لا تحبني ... لا أحد يحبني "
شعرت بالغيظ من أختي الشقية ، في الغد سوف أوبخها بعنف . قلت محاولا تهدئة الصغيرة المهمومة
" رغد يا حلوتي ... دعك ِ من دانة فهي لا تعرف ما تقول ، سوف أوقفها عند حدها . أبي و أمي هما أبوك و أمك "
قاطعتني
" غير صحيح ! لا أم و لا أب لدي و لا أحد يحبني "
" ماذا عني أنا وليد ؟ ألا أحبك ؟ اعتبريني أمك و أباك و كل شيء "
توقفت رغد عن البكاء و نظرت إلي قليلا ثم قالت
" و لكن ليس لديك شارب !
ضحكت ! فأفكار هذه الصغيرة غاية في البساطة و العفوية ! أما هي فقد ابتسمت و مسحت دموعها
قلت
" حين أكبر قليلا بعد فسيصبح لدي شاربان طويلان كما رسمت ِ ! أ نسيت !؟ "
ابتسمت أكثر و قالت
" و هل ستشتري لي بيتا كبيرا فيه غرفة كبيرة و جميلة تخصني ؟ "
ضحكت مجددا ... و قلت
" نعم بالتأكيد ! و تصبحين أنت سيدة المنزل
الصغيرة ابتسمت برضا و عانقتني بسرور
" أنا أحبك كثيرا يا وليد ! و حين أكبر سآخذك معي إلى بيتي الجديد | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الأربعاء مايو 20, 2009 12:05 pm | |
| الحلقه الثانيه...الجزء 2
اللعب هو هواية الأطفال المفضلة على الإطلاق ، و لأنني ( وليد الكبير ) و لأن دانة هي ( الطرف المعادي ) فإن رغد لم تجد من تلعب معه في بيتنا هذا غير سامر !
كثيرا ما كانا يقضيان الساعات الطوال باللهو معا ، ربما كان هذا متنفسا جيدا للصغيرة
عندما كانت رغد تسكن غرفتي ، كانت كلما بقيت ُ في الغرفة لسبب أو لآخر،أتت هي الأخرى و عكفت على دفتر تلوينها بسكون
كنت ُ أستذكر دروسي و ألقي عليها نظرة من حين لآخر ... و كان ذلك يسعدني
بعد أن استقلت في غرفتها ، لم أعد أراها معي
كانت كثيرا ما تقضي الوقت الآن مع سامر في اللعب
في أحد الأيام ، عدت ُ من المدرسة ، و حين دخلت ُ البيت وجدت ُ الصغيرة تشاهد التلفاز
" رغد ! لقد عدت ! "
و فتحت ذراعي ، فهي معتادة أن تأتي لحضني كلما عدت من المدرسة ، كأنها تعبر عن شوقها و افتقادها لي
ابتسمت الصغيرة ثم قفزت قاصدة الحضور إلي ، و في نفس اللحظة دخل شقيقي سامر إلى نفس الغرفة و هو يقول
" أصلحته يا رغد ! هيا بنا "
و بشكل فاجأني و لم أتوقعه ، استدارت ْ إلى سامر و ركضت نحوه ، و غادرا الغرفة سويا
ذراعاي كانتا لا تزالان معلقتين في الهواء ... بانتظار الصغيرة
نظرت من حولي أتأكد من أن أحدا لم ير َ هذا ... قد يكون موقفا عاديا لكنني شعرت ُ بغيط و خيبة لحظتها ... ما الذي يشغل رغد عني ؟؟
لحقت بالاثنين ، فرأيتهما يركبان دراجة سامر التي يبدو أن خللا كان قد أصابها مؤخرا و أصلحه سامر قبل قليل
كانت رغد في غاية السرور و هي تجلس على مقعد خلفي ، و سامر ينطلق بدراجته الهوائية مسرعا
ذهبت إلى غرفتي و استلقيت على سريري و أخذت أفكر
مؤخرا ، ظهرت أمور ٌ عدة تشغل الصغيرة ... كالمدرسة و الواجبات المدرسية و صديقاتها الجدد ... و دفاتر تلوينها الكثيرة ... و اللعب مع سامر
طردت الأفكار التي استتفهتها فورا من رأسي و انصرفت إلى أمور أخرى
إنها السنة الأخيرة لي في المدرسة الإعدادية و والدتي تعمدت إبعاد رغد عني قدر الإمكان لأتفرغ لدراستي
رغد ... رغد ... رغد
لماذا لا أستطيع طردها الآن من رأسي ؟؟ إنها طفلة مزعجة لا تحب غير اللعب و العناية بها كانت مسؤولة كبيرة و مضجرة ألقيت على عاتقي و ها أنا حر أخيرا
في الواقع ، ظل التفكير بهذه الصغيرة يشغلني طوال ذلك اليوم ... لم أستطع التركيز في الدراسة ، و قبيل غروب الشمس قررت القيام بجولة في الشارع على الأقدام ، علني أطرد رغد من دماغي
الجو كان لطيفا و نسماته عليلة و قد استمتعت بنزهتي الصغيرة
التقيت في طريقي بشخص أبغضه كثيرا ! إنه عمّار
عمار هذا هو الابن الوحيد لأحد الأثرياء ، و هو زميلي في المدرسة ، ولد بغيض مستهتر سيئ الخلق ، معروف و مشهور بين الجميع بانحرافه و فساده ... و كان آخر شيء أتمنى أن ألتقي به و أنا في مزاجي العكر هذا اليوم
" وليد ؟ تتسكع في الشوارع عوضا عن الدراسة !؟ لسوف أفضحك غدا في المدرسة "
قال لي هذا و أطلق ضحكة قوية و بغيضة ، أوليته ظهري و ابتعدت متجاهلا إياه
قال
" انتظر ! لم لا تأت ِ معي نلهو قليلا ؟ و أعدك بأن تنجح رغم أنف الجميع ! مثلي "
استدرت إلى عمّار و قلت بغضب
" حلّ عني أيها البغيض ! لا يشرفني التحدث إلى شخص مثلك ! أيها المنحرف الفاسد "
لا أدري ما الذي دفعني لقول ذلك ، فأنا لم أعتد توجيه مثل هذا الكلام لأي كان
و لكني كنت مستاءا
عمار شعر بغيظ ، و سدد نحوي لكمة قوية موجعة و تعاركنا
منذ ذلك اليوم ، و أنا و هو في خصام مستمر ، هو لا يفتأ يستفزني كلما وجد الفرصة السانحة لذلك ، و أنا أتجاهله حينا و أتعارك معه حينا آخر
و الأمر بيننا انتهى أسوا نهاية ... كما سترون
في طريق عودتي للبيت ، مررت بإحدى المكتبات ، و وجدت نفسي أدخلها و أفتش بين دفاتر تلوين الأطفال ، و أشتري مجموعة جديدة ... من أجل رغد
إنني سأعترف ، بأنني فشلت في إزاحتها بعيدا عن تفكيري ذلك اليوم ... لقد كانت المرة الأولى التي تترك فيها ذراعي ّ معلقين في الهواء ... و تذهب بعيدا
حين وصلت إلى البيت ، كانت رغد في حديقة المنزل ، مع سامر و دانة ، كانوا يراقبون العصفورين الحبيسين في القفص ، و اللذين أحضرهما والدي قبل أيام
كانت ضحكاتها تملأ الأجواء
كم هي رائعة هذه الطفلة حين تضحك
و كم هي مزعجة حين تبكي
اعتقدت أنني لن أثير انتباهها فيما هي سعيدة مع شقيقي ّ و العصفورين ... هممت بالدخول إلى داخل المنزل و سرت نحو الباب ... و أنا ممسك بالكيس الصغير الذي يحوي دفاتر التلوين
" وليــــــــــــــد "
وصلني صوتها الحاد فاستدرت للخلف ، فإذا بها قادمة تركض نحوي فاتحة ذراعيها و مطلقة ضحكة كبيرة
فتحت ذراعي و استقبلتها في حضني و حملتها بفرح و درت بها حول نفسي بضع دورات
" صغيرتي ... جلبت ُ لك ِ شيئا تحبينه ! "
نظرت إلى الكيس ثم انتزعته من يدي ، و تفقدت ما بداخله
أطلقت هتاف الفرح و طوّقت عنقي بقوة كادت تخنقني
بعدها قالت
" لوّن معي ! "
ابتسمت ُ برضا بل بسعادة و قلت
" أمرك سيدتي ! "
اعتقد ... بل أنا موقن جدا ... بأنني أصبحت مهووسا بهذه الطفلة بشكل لم أكن لأتصوره أو أعمل له حسابا
و سأجن ... بالتأكيد ... فيما لو حدث لها مكروه ٌ ... لا قدّر الله | |
|
| |
عابر سبيل اشراف وتنظيم
الجنس : عدد المشاركات : 591 تاريخ الميلاد : 05/03/1988 العمر : 36 الموقع : السعودية - الرياض المزاج : no comment!!!!! تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الأربعاء مايو 20, 2009 3:32 pm | |
| :600: :600: :600: :600: :600: | |
|
| |
عاشقة توتيل مشرفة المنتدى الثقافي
الجنس : عدد المشاركات : 562 تاريخ الميلاد : 29/01/1987 العمر : 37 الموقع : على صــهــــوة حــــلم المزاج : متقلب كالفصول الاربعه تاريخ التسجيل : 10/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الأربعاء مايو 20, 2009 8:34 pm | |
| الجميله هلا،،،، أكثر من الروعه،،،هذه الاحرف المبعثره هنا،،، قد تكون روايه فعلا،،،لكنها تفاصيل يوميه،، وخطوط حياة عريضه،،،واشياء تحدث هكذا فجأه،، ،، تحيتي ياجميله،،، واصلي ابداعك،،، | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الخميس مايو 21, 2009 4:24 am | |
| عاشقة الغاليه .. الجمال هو جمال روحك الحلوه والروعه تكمن فى حضورك .. لانو دايما بيسعدنى :D وبيشجعنى .. ماتحرمينى من هالطله الطيبه كل الود لك يا غاليه ودمتى :D
عدل سابقا من قبل هلا في الخميس مايو 21, 2009 6:23 am عدل 1 مرات | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الخميس مايو 21, 2009 6:12 am | |
| الحلقةالثالثة
*******
أشياء ثلاثة تشغل تفكيري و تقلقني كثيرا في الوقت الراهن
دراستي و امتحاناتي ، رغد الصغيرة ، و الأوضاع السياسية المتدهورة في بلدتنا و التي تنذر بحرب موشكة
إنه يوم الأربعاء ، لم أذهب للمدرسة لأن والدتي كانت متوعكة قليلا في الصباح و آثرت البقاء إلى جانبها
إنها بحالة جيدة الآن فلا تقلقوا
كنت أجلس على الكرسي الخشبي خلف مكتبي الصغير ، و مجموعة من كتبي و دفاتري مفتوحة و مبعثرة فوق المكتب
لقد قضيت ساعات طويلة و أنا أدرس هذا اليوم ، ألا أن الأمور الثلاثة لم تبرح رأسي
الدراسة ، أمر بيدي و أستطيع السيطرة عليه ، فها أنا أدرس بجد
أوضاع البلد السياسية هي أمر ليس بيدي و لا يمكنني أنا فعل أي شيء حياله
أما رغد الصغيرة
فهي بين يدي ... و لا أملك السيطرة على أموري معها
و آه من رغد
يبدو أن التفكير العميق في ( بعض الأشياء ) يجعلها تقفز من رأسك و تظهر أمام عينيك
هذا ما حصل عندما طرق الباب ثم فتح بسرعة قبل أن أعطى الفرصة المفروضة للرد على الطارق و السماح له بالدخول من عدمه
" وليـــد وليـــــــــد و ليـــــــــــــــــــــــــد "
قفزت رغد فجأة كالطائر من مدخل الغرفة إلى أمام مكتبي مباشرة و هي تناديني و تتحدث بسرعة فيما تمد بيدها التي تحمل أحد كتبها الدراسية نحوي
" وليد علّمتنا المعلمة كيف نصنع صندوق الأماني هيا ساعدني لأصنع واحدا كبيرا يكفي لكل أمنياتي بسرعة "
إنني لم أستوعب شيئا فقد كانت هذه الفتاة في رأسي قبل ثوان و كانت تلعب مع سامر على ما أذكر
نظرت إليها و ابتسمت و أنا في عجب من أمرها
" رويدك صغيرتي ! مهلا مهلا ! متى عدت من المدرسة ؟ "
أجابتني على عجل و هي تمد يدها و تمسك بيدي تريد مني النهوض
" عدت الآن ، أنظر وليد الطريقة في هذه الصفحة هيا اصنع لي صندوقا كبيرا "
تناولت الكتاب من يدها و ألقيت نظرة
إنه درس يعلم الأطفال كيفية صنع مجسم أسطواني الشكل من الورق
و صغيرتي هذه جاءتني مندفعة كالصاروخ تريد مني صنع واحد
تأملتها و ابتسمت ! و بما إنني أعرفها جيدا فأنا متأكد من أنها سوف لن تهدأ حتى أنفذ أوامرها
قلت
" حسنا سيدتي الصغيرة ! سأبحث بين أشيائي عن ورق قوي يصلح لهذا "
بعد نصف ساعة ، كان أمامنا أسطوانة جميلة مزينة بالطوابع الملصقة ، ذات فتحة علوية تسمح للنقود المعدنية ، و النقود الورقية ، و الأماني الورقية كذلك بالدخول
رغد طارت فرحا بهذا الإنجاز العظيم ! و أخذت العلبة الأسطوانية و جرت مسرعة نحو الباب
" إلى أين ؟؟ "
سألتها ، فأجابتني دون أن تتوقف أو تلتفت إلي
" سأريها سامر "
و انصرفت
اللحظات السعيدة التي قضيتها قبل قليل مع الطفلة و نحن نصنع العلبة ، و نلصق الطوابع ، و نضحك بمرح قد انتهت
أي نوع من الجنون هذا الذي يجعلني أعتقد و أتصرف على أساس أن هذه الطفلة هي شيء يخصني ؟؟
كم أنا سخيف
انتظرت عودتها ، لكنها لم تعد
لابد أنها لهت مع سامر و نسيتني
نسيت حتى أن تقول لي ( شكرا ) ! أو أن تغلق الباب
غير مهم ! سأطرد هذا التفكير المزعج عن مخيلتي و أتفرغ لكتبي ... أو حتى ... لقضايا البلد السياسة فهذا أكثر جدوى
بعد ساعة ، عادت رغد
كان الصندوق لا يزال في يدها ، و في يدها الأخرى قلما
اقتربت مني و قالت
" وليد ... أكتب كلمة ( صندوق الأماني ) على الصندوق ! "
تناولت الصندوق و القلم و كتبت الكلمة ، و أعدتهما إليها دون أي تعليق أو حتى ابتسامة
هل انتهينا ؟
صرفت نظري عنها إلى الكتاب الماثل أمامي فوق المكتب ، منتظرا أن تنصرف
يجب أن تنتبه إلى أنها لم تشكرني
" وليد ... "
رفعت بصري إليها ببطء ، كانت تبتسم ، و قد تورّد خداها قليلا
لابد أنها أدركت أنها لم تشكرني
قلت بنبرة جافة إلى حد ما
" ماذا الآن ؟ "
" هل لا أعطيتني ورقة صغيرة ؟ "
يبدو أن فكرة شكري لا تخطر ببالها أصلا
تناولت مفكرتي الصغيرة الموضوعة على المكتب ، و انتزعت منها ورقة بيضاء ، و سلمتها إلى رغد
أخذتها الصغيرة و قالت بسرعة
" شكرا ! "
ثم ابتعدت
ظننتها ستخرج ألا أنها توجهت نحو سريري ، جلست فوقه ، و على المنضدة المجاورة و ضعت ( الصندوق ) و الورقة ... و همّت بالكتابة
أجبرت عيني ّ على العودة إلى الكتاب المهجور ... لكن تفكيري ظل مربوطا عند تلك المنضدة
" وليد ... "
مرة أخرى نادتني فأطلقت سراح نظري إليها
" نعم ؟"
سألتني
" كيف أكتب كلمة ( عندما ) " ؟
نظرت من حولي باحثا عن ( اللوح ) الصغير الذي أعلم رغد كيفية كتابة الكلمات عليه ، فوجدته موضوعا على أحد أرفف المكتبة ، فهممت بالنهوض لإحضاره ألا أن رغد قفزت بسرعة و أحضرته إلي قبل أن أتحرك !
أخذته منها ، و كتبت بالقلم الخاص باللوح كلمة ( عندما
تأملتها رغد ثم عادت إلى المنضدة
بعد ثوان ، رفعت رأسها إلي
" وليد ! "
" نعم صغيرتي ؟ "
" كيف أكتب كلمة ( أكبُر ) ؟ "
كتبت الكلمة بخط كبير على اللوح ، و رفعته لتنظر إليه
ثوان أخرى ثم عادت تسألني
" وليد ! "
ابتسمت ! فطريقتها في نطق اسمي و مناداتي بين لحظة و أخرى تدفع إي كان للابتسام
" ماذا أميرتي ؟ "
" كيف أكتب كلمة ( سوف ) " ؟؟
كتبت الكلمة و أريتها إياها ، صغيرتي كانت مؤخرا فقط قد بدأت بتعلم كتابة الكلمات بحروف متشابكة ، و لا تعرف منها إلا القليل
بقيت أراقبها و أتأملها بسرور و عطف
كم هي بريئة و بسيطة و عفوية
يا لها من طفلة
رفعت رأسها فوجدتني أنظر إليها فسألت مباشرة
" كيف أكتب كلمة ( أتزوج ) ؟ "
فجأة ، أفقت من نشوة التأمل البريء
هناك كلمة غريبة دخيلة وصلت إلى أذني ّ في غير مكانها
حدقت في رغد باهتمام ، و اندهاش
هل قالت ( أتزوج ) ؟؟
أتزوج !
ألا تلاحظون أنها كلمة ( كبيرة ) بعض الشيء ! بل كبيرة جدا
سألتها لأتأكد
" ماذا رغد ؟؟ "
قالت و بمنتهى البساطة
" أتزوج ! كيف أكتبها ؟؟ "
أنا مندهش و متفاجيء
و هي تنظر إلي منتظرة أن أكتب الكلمة على لوحها الصغير
أمسكت بالقلم بتردد و شرود ... و كتبت الكلمة ( الكبيرة ) ببطء ، ثم عرضتها عليها فأخذت تكتبها حرفا حرفا
انتهت من الكتابة ، فوضعت اللوح على مكتبي ، في انتظار الكلمة التالية
انتظرت
و أنتظرت
لكنها لم تتكلم
لم تسألني عن أي شيء
رأيتها تطوي الورقة الصغيرة ، ثم تدخلها عبر الفتحة داخل صندوق الأماني
( عندما أكبر سوف أتزوج .... ؟؟؟ )
الاسم الذي تلا كلمة أتزوج هو اسم تعرف رغد كيف تكتبه
كأي اسم من أسماء أفراد عائلتنا أو صديقاتها
كـ وليد ، أو سامر ، أو أي رجل
رغد الصغيرة
ما الذي تفعلينه !؟؟
الآن ، هي قادمة نحوي
و الصندوق في يدها
" وليد اكتب أمنيتك ! "
" ماذا صغيرتي ؟؟ "
" أكتب أمنيتك و ضعها بالداخل ، و حينما نكبر نفتح الصندوق و نقرأ أمنياتنا و نرى ما تحقق منها ! هكذا هي اللعبة ! "
إنني قد افعل أشياء كثيرة قد تبدو سخيفة ، أما عن وضعي لأمنيتي في صندوق ورقي خاص بطفلتي هذه ، فهو أمر سأترك لكم انتم الحكم عليه
نزعت ورقة من مفكرتي ، و كتبت إحدى أمنياتي
فيما أنا اكتب ، كانت رغد تغمض عينيها لتؤكد لي أنها لا ترى أمنيتي
أي أمنية تتوقعون أنني أدخلتها في صندوق الأماني الخاص بصغيرتي العزيزة ...؟؟
لن أخبركم
عدل سابقا من قبل هلا في الخميس مايو 21, 2009 6:20 am عدل 1 مرات | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الخميس مايو 21, 2009 6:18 am | |
| بعد فراغي من الأمر ، طلبت مني رغد أن أحفظ الصندوق في أحد أرفف مكتبتي ، لأنها تخشى أن تضيعه أو تكتشف دانة وجوده فيما لو ضل في غرفتها
" وليد لا تفتح الصندوق أبدا "
" أعدك بذلك "
ابتسمت رغد ، ثم انطلقت نحو الباب مغادرة الغرفة و هي تقول
" سأخبر سامر بأنني انتهيت ! "
بعد مغادرتها ، تملكتني رغبة شديدة في معرفة ما الذي كتبته في ورقتها
كدت انقض وعدي و أفتح الصندوق من شدة الفضول
لكني نهرت نفسي بعنف ... لن أخيب ثقة الصغيرة بي أبدا
( عندما أكبر سوف أتزوج ... ؟؟ )
من يا رغد ؟؟
من ؟
من ؟؟
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
في عصر اليوم ذاته ، قرر والدي أخذنا لنزهة قصيرة إلى إحدى الملاهي ، حسب طلب و إلحاح دانة
أنا لم أشأ الذهاب ، فأنا لم أعد طفلا و لا تثير الملاهي أي اهتمام لدي ، ألا أن والدتي أقنعتني بالذهاب من باب الترويح عن النفس لاستئناف الدراسة
قضينا وقتا جيدا
وقفت رغد أمام إحدى الألعاب المخيفة و أصرت على تجربتها
طبعا لم يوافق أحد على تركها تركب هذا القطار السريع المرعب ، و كما أخبرتكم
فإنها حين ترغب في شيء فإنها لن تهدأ حتى تحصل عليه
و حين تبكي ، فإنها تتحول من رغد إلى رعد
والدي زجرها من باب التأديب ، إذ أن عليها أن تطيع أمره حين يأمرها بشيء
توقفت رغد عن البكاء ، و سارت معنا على مضض
كانت تمشي و رأسها للأسفل و دموعها تسقط إلى الأرض
أنا وليد لا أتحمّل رؤيتها هكذا مطلقا ... لا شيء يزلزلني كرؤيتها حزينة وسط الدموع
" حسنا يا رغد ! فقط للمرة الأولى و الأخيرة سأركب معك هذا القطار ، لتري كم هو مخيف و مرعب ! "
أعترض والداي ، ألا أنني قلت
" سأمسك بها جيدا فلا تقلقا "
اعتراضهما كان في الواقع على سماحي لرغد بنيل كل ما تريد
أنا أدرك أنني ادللها كثيرا جدا
لكن
ألا تستحق طفلة يتيمة الأبوين شيئا يعوضها و لو عن جزء من المائة مما فقدت ؟
تجاهلت اعتراض والدي ّ ، و انطلقت بها نحو القطار
ركبنا سوية ذلك القطار و لم تكن خائفة بل غاية في السعادة
و عندما توقف و هممت بالنزول ، احزروا من صادفت !؟؟
عمّار اللئيم
" من وليد ! مدهش جدا ! تتغيب عن المدرسة لتلهو مع الأطفال ! عظيم ! "
تجاهلته ، و انصرفت و الصغيرة مبتعدين ، ألا أنه عاد يلاحقني بكلام مستفز خبيث لم أستطع تجاهله ، و بدأنا عراكا جديدا !
تدخل مجموعة من الناس و من بينهم والدي لفض نزاعنا بعد دقائق
عمار و بسبب لكمتي القوية إلى وجه سالت الدماء من أنفه
كان يردد :
" ستندم على هذا يا وليد ! ستدفع الثمن "
أما رغد ، و التي كانت تراني و لأول مرة في حياتها أتعارك مع أحدهم ، و أؤذيه ، فقد بدت مرعوبة و التصقت بوالدتي بذعر !
عندما عدنا للبيت وبخني أبي بشدة على تصرفي في الملاهي و عراكي و قال :
( كنت أظنك أصبحت رجلا ! )
و هي كلمة آلمتني أكثر بكثير من لكمات عمّار
استأت كثيرا جدا ، و عندما دخلت غرفتي بعثرت الكتب و الدفاتر التي كانت فوق مكتبي بغضب
لا أدري لماذا أنا عصبي و متوتر هذا اليوم
بل و منذ فترة ليست بالقصيرة
أهذا بسبب الامتحانات المقبلة ؟؟
بعد قليل ، طرق الباب ، ثم فتح بهدوء
كانت رغد
" وليد "
ما أن نطقت باسمي حتى قاطعتها بحدة
" عودي إلى غرفتك يا رغد فورا "
نظرت إلي و هي لا تزال واقفة عند الباب ، فرمقتها بنظرة غضب حادة و صرخت
" قلت اذهبي ... ألا تسمعين ؟؟ ! "
أغلقت الصغيرة الباب بسرعة من الذعر
لقد كانت المرة الأولى التي أقسو فيها على رغد
و كم ندمت بعدها
ألقيت نظرة على ( صندوق الأماني ) ثم أمسكت به و هممت بتمزيقه
ثم أبعدته في آخر لحظة
كنت أريد أن أفرغ غضبي في أي شيء أصادفه
إنني أعرف أنني يوم السبت المقبل سأقابل بتعليقات ساخرة من قبل عمّار و مجموعته
و كل هذا بسبب أنت أيتها الرغد المتدللة
لأجلك أنت أنا أفعل الكثير من الأشياء السخيفة التي لا معنى لها
و الأشياء المهولة ... التي تعني أكثر من شيء ... و كل شيء
و التي يترتب عليها مصائر و مستقبل
كما سترون | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الخميس مايو 21, 2009 6:32 am | |
| الحلقةالرابعة
********
لم استطع النوم تلك الليلة
جعلت أتقلب على فراشي و الأمور الثلاثة : الدراسة ، الحرب ، و رغد تآمرت علي و سببت لي أرقا و صداعا شديدا
أوه يا إلهي ... أنا متعب ... متعب
فلتذهب الدراسة للجحيم
ولتذهب الحرب كذلك للجحيم
و رغد
رغد
فلأذهب أنا إلى رغد
قفزت من سريري في رغبة ملحة جدا لرؤية الصغيرة
لابد أنها غارقة في النوم الآن ... كم كنت قاسيا معها ! كم أنا نادم
سرت ببطء حتى دخلت غرفة رغد ، و تعجبت إذ رأيت الظلام مخيما عليها
صغيرتي تخاف النوم في الظلام الشديد و تصر على إضاءة النور الخافت
اقتربت من السرير و أنا أدقق النظر بحثا عن وجه الصغيرة ، ألا أنني لم أره
أشعلت المصباح الخافت المجاور لسريرها ، و أصبت بالفزع حين رأيت السرير خاليا
نهضت مذعورا ... و تلفت من حولي ... ثم أنرت المصباح القوي و دققت النظر في كل شيء ... لم تكن رغد في الغرفة
خرجت من الغرفة كالمجنون و ذهبت رأسا إلى غرفة دانة ، ثم سامر ، ثم جميع غرف المنزل و أنحائه و لم أبق منه مترا واحدا دون تفتيش ... عدا غرفة والديّ
سرت و أنا أترنح و متشبث بأملي الأخير بأن تكون رغد هناك
توقفت عند الباب ، و رفعت يدي استعدادا لطرقه فخانتني قواي
ماذا إن لم تكن رغد هنا ؟
أين يمكن أن تكون ؟
القلق بل الفزع و الخوف على رغد تملكاني و ألقيا جانبا أي تفكير سليم من رأسي
طرقت الباب طرقات متوالية تشعر أيا كان بالذعر
ثوان ، و إذا بأمي تقف أمامي في فزع
" وليد ؟ خير يا بني ؟ "
التقطت عدة أنفاس متلاحقة ثم قلت
" هل رغد هنا ؟ "
كنت أحدق بعين والدتي و كأنني أريد أن أخترقها إلى دماغها لأعرف الجواب قبل أن تنطق به
قولي نعم أمي ... أرجوك
" نعم ! نامت هنا "
كأن جبلا جليديا قد وقع فوق رأسي لدى سماعي إجابتها
ارتخت عضلاتي كلها فجأة ، فترنحت و أنا أعود خطا للوراء حتى جلست على أحد المقاعد
والدتي أقبلت نحوي ، و ألقت نظرة سريعة على ساعة الحائط ، ثم عادت تنظر إلي بقلق
" وليد ؟ ما بك عزيزي ؟ "
أغمضت عيني لثوان ، و أنا عاجز عن تحريك أي عضلة من جسمي
ثم نظرت إليها و قلت بصعوبة
" قلقت حين لم أجدها في غرفتها ... بل كدت أموت قلقا ... "
اقتربت مني والدتي ، و مسحت على رأسي و قالت
" هوّ ن عليك يا بني جاءتني تبكي البارحة و تقول أنك غاضب منها و أخرجتها من غرفتك كانت حزينة جدا ! "
ربما تريد أمي معاتبتي لتصرفي مع رغد
أرجوك أمي يكفي فأنا قد نلت من تأنيب الضمير ما يكفي و يزيد
ألا ترين أنني لم أنم حتى هذه الساعة بسبب ذلك ...؟؟
" آسف لإزعاجك أماه ، تصبحين على خير "
رغد
ما الذي تفعلينه بي !؟
نهضت متأخرا في الصباح التالي ، و حينما ذهبت إلى المطبخ وجدت أمي مشغولة في إعداد الطعام فيما تلعب رغد ببعض الدمى إلى جوارها
عندما رأتني رغد ، ابتسمت لها ، ألا أنها قامت و التصقت بأمي ، كأنها تطلب الحماية
تضايقت كثيرا من هذا ... هل أصبحت طفلتي الحبيبة تخاف مني ؟؟
" رغد ! تعالي إلي "
لم تتحرك بل تشبثت بوالدتي أكثر ، الأمر الذي أشعرني بضيق شديد جدا فغادرت المطبخ فورا
ستنسى بعد قليل ... إنها مجرد طفلة و الأطفال ينسون بسرعة
بل من الأفضل ألا تنسى حتى تبقى بعيدة عني و أتخلص من أحد همومي
في المساء ، حضرت أم حسام بطفليها حسام و نهلة لزيارتنا
أم حسام هي خالة رغد الوحيدة و التي كانت ترعاها في السابق ، بعد وفاة والديها
حسام هو ابنها الأكبر و البالغ من العمر سبع سنوات على ما أظن ، أما نهلة فتصغر رغد ببضعة أشهر
و يبدو أن ( أخا جديدا ) على وشك الانضمام لهذه العائلة
رغد تحب خالتها هذه كثيرا ، و الخالة تتردد علينا من حين لآخر للاطمئنان على رغد
تحوّل بيتنا إلى ملعب أطفال ... لعب ، ضحك، بكاء ، شجار ، عراك ، هتاف ، صراخ
كانوا جميعا سعداء ، أما أنا فقد لزمت غرفتي عكفت على الدراسة
اختفت الأصوات تماما فيما بعد ، فاستنتجت أن الضيوف قد رحلوا
في وقت العشاء ، كنت أول الجالسين حول المائدة فقد كنت جائعا ، و لم أكن قد تناولت أي وجبة رئيسية لهذا اليوم
الكرسي المجاور لي هو الكرسي الذي تجلس عليه صغيرتي رغد عادة و كنت أساعدها في تناول الطعام دائما
اجتمع أفراد أسرتي حول المائدة ، ألا أن الكرسي المجاور ظل شاغرا
" أين رغد ؟؟ "
وجهت سؤالي إلى والدتي ، فأجابت
" أصرت على الذهاب مع خالتها و بما أن الغد هو يوم جمة تركتها تذهب لتبات عندهم ! "
اندهشت ، فهي المرة الأولى التي يحدث فيها شيء كهذا ... لطالما كانت الخالة تزورنا فلماذا تصر على الذهاب معها اليوم و اليوم فقط ؟؟
لقد فقد شهيتي للطعام ، و لم أتناول منه إلا اليسير
مساء الجمعة ذهبت مع أبي لإحضار رغد من بيت خالتها
دخلت أنا للمنزل فيما ظل والدي ينتظر في السيارة
لقد كان الأطفال ، رغد و نهلة و حسام ، يلعبون ببعض الألعاب في إحدى الغرف
عندما رأوني توقفوا عن اللعب ، و اخذوا يحدقون بي
هل أبدو مرعبا ؟؟
ربما لأنني طويل و ضخم البنية نوعا ما
ابتسمت لهذه المخلوقات الصغيرة ثم قلت
" مرحبا أعزائي ! ألم تكتفوا من اللعب ! "
لم يبتسم أي منهم أو يحرك ساكنا
وجهت نظري إلى صغيرتي رغد ، و قلت أخاطبها
" صغيرتي الحلوة ! حان وقت العودة إلى البيت "
" لا أريد "
كانت أول جملة تنطق بها رغد ! إنها لا تريد العودة للبيت
" ماذا رغد ؟ يجب أن نعود الآن فغدا ستذهبين إلى المدرسة ! "
" سأبقى هنا "
" رغد ! سوف نأتي بك إلى هنا لتلعبي كل يوم إن أردت ! هيا فوالدنا ينتظر في السيارة "
لم يبد أنها عازمة على النهوض
و الآن ؟؟ ماذا افعل مع هذه الصغيرة ؟؟
كيف يجب ان يكون التصرف السليم ؟؟
تدخلت أم حسام قائلة
" بنيتي رغد ، غدا سيحضرك وليد إلى هنا من جديد . و كل يوم إذا أردت اللعب مع نهلة فتعالي و أحضري ألعابك أيضا "
" لا أريد "
ثم بدأت بالبكاء
ربما تظن خالتها أننا نسيء إليها بشكل ما
ماذا جرى لهذه الصغيرة ؟ لماذا أصبحت لا تريد الاقتراب مني ؟ أكل هذا لأنني أخرجتها من غرفتي بقسوة تلك الليلة ؟
أم حسام أخذت تمسح على رأس الصغيرة و تهدئها و تكرر
" غدا سيحضرك وليد إلى هنا عزيزتي "
قلت ، محاولا إغراءها بالحضور بأي طريقة
" سنمر بمحل البوضا و نشتري لك النوع الذي تحبين ! "
يبدو أن الفكرة أعجبتها ، فتوقفت عن البكاء و آخذت تنظر إلي
قالت خالتها مشجعة
" هيا بنيتي ، و عندما تأتين غدا سنشتري لك و لنهلة و حسام المزيد من البوضا و الألعاب "
و أخذت تقربها نحوي حتى صارت أمامي مباشرة
رفعت رغد رأسها الصغير و نظرت إلي
إنها نظرة لا أستطيع نسيانها ما حييت
كأنها تعاتبني على قسوتي معها ... و تقول ... خذلتني
مددت يدي و رفعت الصغيرة عن الأرض و ضممتها إلى صدري و قبلت جبينها
كيف لي أن أعتذر ؟
إنها اليتيمة التي و لو بذلت الدنيا كلها لأجلها ، ما عوضتها عن لحظة واحدة تقضيها في حضن أمها أو أبيها
قلت
" ماذا تودين بعد ؟ لعبة جديدة أم دفتر تلوين جديد ؟ "
قالت
" أريد لعبة و أريد دفترا "
قلت
" يا لك من سيدة طماعة ! حاضر ! كما تأمرين سيدتي ! "
فابتسمت لي أخيرا
شعرت بشيء ما يحرك بنطالي
نظرت إلى الأسفل فإذا بها نهلة تمسك ببنطالي و تهزه ، ثم تقول
" احملني ! "
نظرت إليها بدهشة و استغراب
" رغد تقول أنك قوي جدا و كنت تحملها مع دانة سوية "
ربّاه | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الخميس مايو 21, 2009 6:43 am | |
| في تلك الليلة ، جعلت رغد تنام على سريري للمرة الأخيرة ... و لونت معها كثيرا و قرأت لها أكثر من قصة ، و طبعا اشتريت لها أكثر من لعبة و أكثر من دفتر تلوين إضافة إلى البوضا !
ربما كانت هذه طريقتي في الاعتذار
إن كنت أدلل صغيرتي كثيرا فهذا لأنني أحبها كثيرا
و هي نائمة على سريري بسلام ، أخذت أتأملها بعطف و محبة
كم هي رائعة
و كم أنا متعلق بها
كم يبدو هذا جنونا
ذهبت إلى حيث وضعت صندوق الأماني ، فأخذته و جعلت أنظر إليه بحدة
كم تمنيت لو أن بصري يخترق الصندوق إلى ما بداخله
ليتني أعرف ... الاسم الذي تلا هذه الجملة
( عندما أكبر سوف أتزوج .... ؟ )
عندما تكبرين يا رغد
فقط عندما تكبرين
فإنني
~ ~ ~ ~ ~ ~
في أحد الأيام ، قررنا تناول بعض المشويات في المنزل
في حديقة المنزل أعد والدي ما يلزم و أشعل الفحم
كان يوما جميلا ، و كنا مسرورين لهذه ( النزهة المنزلية ) التي قلما تحدث
الأطفال ، سامرـ إن كنت أعتبره طفلا ـ و دانة و رغد كانوا يتجولون هنا و هناك
سامر مهووس بدراجته الهوائية و التي لا يتوقف عن قيادتها و العناية بها في جميع أوقات فراغه ، و رغد تهوى كثيرا الركوب معه ، و قد تعلمت كيف تقودها بنفسها
كانت تقود الدراجة فيما يجلس سامر على المقعد الحفي ، و كانت تترنح ذات اليمين و ذات الشمال و تسقط بالدراجة من حين لآخر
ألا أنها كانت سقطات خفيفة غير مؤذية ، يستمتعان بها و يضحكان مرحين
دانة كانت تساعد أمي في إعداد اللحم ، فيما والدي يهف الجمر فيزيده اشتعالا
كنت أنا أراقب الجميع في صمت و برود ظاهري ، بينما أشعر بشيء يتحرك و يشتعل في صدري مثل ذلك الجمر ... لا أعرف ما يكون ...؟؟
ذهب والدي لإحضار شيء ما و ابتعاده عن الجمر أعطاني مجالا أوسع لأراقب اشتعاله و تأججه و جحيمه
إن عيني ّ كانتا تتنقلان بين رغد و سامر على الدراجة ، و بين الجمر المتقد
ثم شردت
فجأة ... ترنحت الدراجة و هي تسير بسرعة ، تقودها رغد الصغيرة ، و قبل أن يتمكن سامر من إيقافها ارتطمت بشيء فسقطت
كان يمكن لهذه السقطة أن تكون عادية كسابقاتها ن لو أن الشيء الذي ارتطمت الدراجة به لم يكن صينية الجمر المتقد
تعالت الأصوات و انطلق الصراخ القوي يزلزل الأجواء
ركضنا جميعا نحو الاثنين بفزع
والدتي تولول ، و دانة تصرخ ... و رغد تصرخ ... و وليد يتخبط مستنجدا ... صارخا ... من فرط الألم
جمرة واحة أصابت رغد بحرق في ذراعها الأيسر
أما سامر
فقد انتهى بوجه مشوه مخيف ، و جفن منكمش يجعل العين اليمنى نصف مغلقة ... مدى الحياة
لقد كان حادثا سيئا جدا ... و انتهى يومنا الجميل بندبة لا تمحى
و رغم العمليات التي خضع لها ، ألا أن وجه سامر ظل يحمل أثر الحادثة المشؤومة إلى الأبد
رغد و التي خرجت من الحادث بأثر حرق واحد في الذراع ، خرجت منه بآثار عميقة لا تمحى في الذاكرة و القلب
أما دانة ، فقد غرست في نفس رغد الاعتقاد الأكيد بأنها السبب فيما حدث لسامر لأنها من كان يقود الدراجة وقتها
رغد أصبحت مرعوبة فزعة متوترة معظم الأوقات ... و أصبحت تخشى النوم بمفردها و تصر على أن أبقى إلى جانبها حتى تدخل عالم النوم ، و كثيرا ما كانت تستيقظ فزعة من النوم في أوائل الأيام ... و تركض إلي
و المرة التي كنت أعتقد أنها الأخيرة ، تلتها مرات أخرى ، نامت فيها الصغيرة في غرفتي ... طالبة الأمان و الطمأنينة ...
" وليد أنا خائفة ... النار مؤلمة ... "
" وليد لن أركب الدراجة ثانية ً ... "
" وليد لا أريد أن أبقى وحدي ... الجمر يلاحقني ... "
" وليد ... عندما أكبر سأصبح طبيبة و أعالج سامر "
و في إحدى تلك المرات ، كتبت إحدى أمانيها و أدخلتها في ذلك الصندوق
و هذه المرة لم تسألني عن أية كلمة
لكنني أكاد أجزم بأنها كتبت
( يا رب اشف سامر )
توالت الأيام و الشهور ... و تأقلم الجميع مع ما حدث ، و سامر اعتاد رؤية وجهه المشوه في المرآة و تقبله ، و استسلم الجميع إلى أنها حادثة قضاء و قدر
أما أنا
فأشك في أن شيطانا قد خرج من صدري و قاد الدراجة نحو الجمر المتقد و احرق سامر و رغد بنار كانت في صدري
و لم تزد النار صدري إلا اشتعالا
و لم تزد الحادثة الاثنين إلا اقترابا
و لم تزدني الأيام إلا تعلقا و تشبثا و جنونا برغد | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الخميس مايو 21, 2009 6:55 am | |
| الحلقة الخامسه أحلام الجحيم
أنهيت دراستي الثانوية أخيرا إنني أريد الالتحاق بالجامعة ، ألا أن القصف الجوي الذي تعرضنا له مؤخرا دمر مبنى الجامعة التي كنت أريدها كما دمّر جزءا من المصنع الذي يملكه والدي أوضاع بلدنا في تدهور ، و الحرب منذ أن اندلعت قبل عامين تقريبا لم تتوقف مستوانا المادي تراجع نتيجة لهذه الأحداث . الدراسة تعني لي الكثير الكثير ، خصوصا بعدما حدث إنها أحد أحلام حياتي ما أكثر الأحلام
أتذكرون صندوق الأحلام الخاص برغد و الذي صنعته لها قبل ثلاث سنوات ؟ أضفت إليه حلما جديدا يقول "أريد أن أصبح رجل أعمال ضخم" اعتقد أن الأمور الإدارية تليق بي كثيرا وجدت فرصة هبطت علي ّ من السماء لأبتعث للدراسة في الخارج ، شرط أن أجتاز أحد امتحانات القبول ، و الذي سأجريه بعد الغد و ما اقرب بعد الغد إن مصيري و مستقبلي معلّق بذلك اليوم إنني قد عدت لقراءة بعض المواضيع من المواد الدراسية المختلفة استعداد له ادعوا لي بالتوفيق في الوقت الراهن أنا بدون شاغل ، أو لنقل ... عاطل عن المستقبل خلال السنوات الثلاث الماضية ازداد طولي وحجمي كثيرا و أصبحت عملاقا و ضخما تعديت طول والدي و أصبحت أشعر ببعض الخجل كلما وقفت إلى جانبه أما صغيرتي المدللة ، فلم تتغير كثيرا لا تزال نحيلة و صغيرة الحجم ، كثيرة المطالب ، و شديدة التدلل و المنافسة بينها و بين دانة حتى على الأشياء البسيطة لا تزال قائمة و اعتقد أنكم تتوقعون أنني لازلت مهووسا بها كما السابق ، بل و أكثر وصلت الآن إلى بوابة المدرسة الابتدائية ، و ها أنا أرى الفتاتين تقبلان نحو السيارة و راقبوا ما سيحصل تتسابق الاثنتان نحو الباب الأمامي تصل إحداهما قبل الأخرى بجزء من الثانية تحاول كل واحدة فتح الباب و الجلوس في المقعد المجاور لي تتنازعان تتشاجران تحتكمان إلي " وليد ! أنا وصلت قبلها " " بل أنا يا وليد ... أليس كذلك ؟ " " وليد قل لها أن تبتعد عني " " أنا من وصل أولا ! دعها تركب خلفك وليد " " كفى ! " كل يوم تتكرر نفس القصة ! و الآن علي ّ أن أضع جدولا مقسما فيما بينهما ! " حسنا ... من التي كانت تجلس قربي يوم أمس ؟ " أجابت دانة " أنا " قلت " إذن ، اليوم تجلس رغد و غدا دانة و هكذا ! اتفقنا ؟؟ " و بزهو و نشوة الانتصار ، ركبت السيدة رغد و جلست على الكرسي الأمامي بجانبي ! فيما ترمق دانة بنظرات التحسير كم سأفتقد هاتين المشاكستين " وليد تعلمنا درسا صعبا في الرياضيات أريدك أن تساعدني في حل التمارين " " حسنا رغد " " و أنا أيضا أريدك أن تساعدني في تمارين القواعد " " حسنا دانة ! " قالت رغد بسرعة " لكن أنا أولا فأنا سألتك أولا " قالت دانة : " درسي أنا أصعب . أنا أولا يا وليد " أنا أولا ... أنا أولا ... أنا أولا ويلي من هاتين الفتاتين كلا ! لن أفتقدهما أبدا كنت معتادا على تعليم الفتاتين في أحيان كثيرة ، خصوصا بعد تخرجي من المدرسة مواقف كثيرة ، و كثيرة جدا ، هي التي حصلت خلال السنوات الماضية و لكنني اختصرت لكم قدر الإمكان ... حينما وصلنا إلى البيت ، بالتحديد عندما هممت بإدخال المفتاح في الباب لفتحه ، بدأت منافسة جديدة " أعطني المفتاح أنا سأفتحه " " لا لا ، أنا سأفتحه وليد " " لا تقلديني ! " " أنت لا تقلديني " و احتدم النزاع أوليت الباب ظهري و وقفت بين الفتاتين و عبست في وجهيهما ! قلت بحدة " أنا من سيفتح الباب و إن سمعتكما تتجادلان على هذا المفتاح ثانية فتحت رأسيكما و أفرغت ما بهما " المفروض أن نبرتي كانت حادة و مهددة ، و تثير الخوف ! ألا أن رغد أخذت تضحك ببساطة ! التفت إليها و قلت " لم الضحك ؟؟ " قالت و هي تقهقه " لن تجد شيئا في رأس دانة من الداخل ! " دانة " بل أنت الجوفاء الرأس ! أتعلمين ماذا سيجد وليد في رأسك ؟ " رغد " ماذا ؟ " دانة " البطاطا المقلية التي تلتهمينها بشراهة كل يوم ! " رغد ـ و هي تضحك بمرح ـ " و أنت الفاصولياء التي أكلتها البارحة " و تبادلت الاثنتان مجموعة من الأكلات و الأطباق المفضلة في رأسي بعضهما البعض حتى أصابتاني بالصداع و التخمة قلت " يكفي ! إنني من سيفتح رأسي أنا حتى ارمي بكما إلى الخارج منه " و استدرت ، و فتحت الباب ، فأسرعت دانة بالدخول لتسبق رغد ، بينما سارت رغد ببطء و انتظرتني حتى دخلت ، ثم أقفلت الباب " وليد ! " التفت إليها و أنا ممتلئ ما يكفي و يزيد من سخافاتهما ، و قلت بتنهد : " ماذا بعد ؟؟ " قالت " أنا لا أريد أن أخرج من رأسك " اندهشت ! نظرت إليها باستغراب ، و قلت " عفوا ؟؟ ! " رددت " " أنا لا أريد أن أخرج من رأسك " " و لماذا ؟؟ " ابتسمت بخبث و قالت " لكي أستطيع رؤية الناس من الأعلى فأنت طويـــــــــــــــــــل " ابتسمت لها بهدوء ، ثم فجأة ، مددت يدي نحوها و رفعتها عن الأرض على حين غفلة منها إلى الأعلى عند رأسي و أنا أقول : " هكذا ؟؟ " رغد أخذت تضحك بسعادة و بهجة لا توصف أتذكرون كم كانت تعشق أن أحملها !؟ لا تزال كذلك دخلت المنزل ، ثم المطبخ و أنا لا أزال احملها و هي تضحك بسرور ، ثم أجلستها على أحد المقاعد و ألقيت التحية على والدتي ، و التي كانت مشغولة بتجهيز أطباق المائدة قالت أمي " رغد ، هيا اذهبي و أدي صلاتك ثم اجلسي عند مائدة الطعام " قامت رغد ، و هي تنزع الحقيبة المدرسية عن ظهرها و تنظر إلى أمي و تقول " بطاطا مقلية ؟ " " نعم ! حضرتها لأجلك " و انطلقت رغد فرحة ، و غادرت المطبخ . للعلم ، فإن صغيرتي هذه تحب البطاطا المقلية كثيرا والدتي استمرت في عملها و حدثتني دون أن تنظر إلي " لم تعد صغيرة ! " ركزت بصري عليها ، و قلت " رغد ؟ لقد كبرت قليلا ! " " لم تعد صغيرة لتحملها على ذراعيك "
غيرت كلمات والدتي هذه مجرى ما فهمت إذن ، فهي معترضة على حملي للصغيرة هكذا ...؟ " و لكن ... إنها مجرد طفلة صغيرة و خفيفة ! و هي تحب ذلك " " إنها في التاسعة من العمر يا وليد " جملة والدتي هذه ، جعلت شريط الذكريات يعرض فجأة في مخيلتي تذكرت كيف حضرت إلى منزلنا قبل ست أو سبع سنين آه ... المخلوقة البكاءة يا للأيام | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الخميس مايو 21, 2009 7:05 am | |
| يا للأيام من كان ليصدق أنني ( ربيت ) رغد في جحري و أطعمتها بيدي و سرحت شعرها و نظفت أذنيها من جرّب أن يكون أما و أبا ليتيمة ، و هو طفل أو حتى مراهق لم يبلغ العشرين يا للذكريات في غرفتي لاحقا ، أخذت أقلب ألبوم الصور الذي يشمل أفراد عائلتي صحيح ... لقد كبرت الصغيرة مر الوقت سريعا و ها أنا مقدم على الجامعة ، و حين أسافر توقفت عند هذا الحد فأنا لا أستطيع التفكير فيما بعد ذلك كيف لي أن أبتعد عن أهلي و وطني ...؟ كيف لي أن أتحمل الغربة و الوحدة ؟ كيف لصباح أن يطلع علي ، دون أن أحتسي شاي والدتي العطر ، و كيف لشمس أن تغرب دون أن أقرأ أخبار الصحف لوالدي ؟ كيف لعيني أن تغمضا دون أن أتمنى لأخوتي نوما هانئا كيف لقلبي أن ينبض ... دون أن أحمل رغد على ذراعي ؟؟؟ إنني سأذهب لإجراء الامتحان بعد الغد و إذا ما اجتزته ، فسأغادر البلد خلال أسبوع أو أكثر بقليل إنها أفكار تجعلني أشعر بخوف و توجّس هل أقوى على ذلك ؟؟ لابد لي من ذلك ... فأحوالنا في تدهور و شهادتي الجامعية ستعني الكثير المرشحون لهذا الامتحان قليلون ، و كانت فرصة ذهبية أن أضيف اسمي إليهم و أنا واثق من قدرتي على اجتيازه ، بإذن الله قلبت الألبوم و أنا في حيرة ... أي صورة آخذها معي ؟؟ ثم وقع اختياري على صورة تضمنا جميعا ، تظهر فيها رغد متشبثة برجلي فيما ترتسم ابتسامة رائعة على وجهها الجميل " هذه هي ! " أخذت الصورة ، و صورة أخرى لرغد و هي تلوّن في أحد دفاترها ، و وضعتهما في محفظة جيبي . في المساء ، ذهبت مع أخي سامر لأحد المتاجر لاقتناء بعض الأشياء ، و وقفنا عند حقائب السفر رغبة في شراء بعضها فيما كنا هناك ، حضر مجموعة من الشبان ، كان عمّار فيما بينهم عمّار نجح بصعوبة ، و تخرج ـ رغم إهماله ـ من المدرسة الثانوية ، و اعتقد أن والده ذا النفوذ الكبير قد استطاع تدبير مقعد دراسي له في إحدى الجامعات ... بطريقة غير قانونية عندما رآني عمّار ، أقبل نوي تسبقه ضحكته البغيضة ، و قال : " يبدو أن وليد ينوي السفر أيها الأصحاب ! هل عثر والدك على كرسي جامعي شاغر لك !؟ أم أن حطام الجامعة قد حطّم قلبك يا مسكين ؟؟ " و بدأ مجموعة الشبان بالضحك و القهقهة أوليتهم ظهري فقال عمّار : " لا تقلق ! سأطلب من والدي أن يساعدك في البحث عن جامعة ! أو ... ما رأيك بالعمل عندنا ! فمصنعنا لم يحترق ! سأوصي بك خيرا ! " سامر لم يتحمّل هذه السخرية من ذلك اللئيم ، و ثار قائلا " لم يبق إلا أن يعمل الأعزة عند الأذلة المنحرفين ! " صرخ عمّار قائلا : " اخرس أيها الأعور القبيح ! من سمح لك بالتحدث ! ألا تخجل من وجهك المفزع ؟ " و التفت إلى أصحابه و قال " اهربوا يا شباب ! الأعور الدجال ! " سيل من اللكمات العنيفة وجهتها بلا توقف و لا شعور نحو كل ما وقعت قبضتي عليه من أجساد عمّار و أصحابه لحظتها ، شعرت برغبة في فقء عينيه و سلخ جلده أخي سامر نال منهم أيضا و احتدّ العراك و تدخّل من تدخل ، و فر من فر ، و انتهى الأمر بنا تدخل من قبل الشرطة في تلك الليلة و للمرة الأولى منذ الحادثة المشؤومة ، سمعت صوت بكاء أخي خلسة . عندما أصيب بالحرق ، كان لا يزال طفلا في الحادية عشرة من العمر ... ربما لم يكن شكله يشغل تفكيره و اهتمامه بمعنى الكلمة ، أما الآن ... و هو فتى بالغ أعمق تفكيرا ، فإن الأمر اختلف كثيرا ليلتها ، قال أنه يريد أن يخضع لعملية تجميل جديدة لكن أوضاعنا المادية في الوقت الحالي ، لا تسمح بذلك عندما أحصل على شهادتي الجامعية ... و أعمل و أكسب المال ، فسوف أعرضه على أمهر جراحي التجميل ، ليعيده كما كان فقط عندما أحصل على شهادتي في اليوم التالي ، وجدت سيارتي مليئة بالخدوش المشوهة " إنه عمّار الوغد ! تبا له ! " أوصلت أخوتي للمدرسة ، و شغلت نفسي ذلك الصباح بمزيد من الإعدادات للسفر المرتقب امتحاني سيكون يوم الغد ... لذا ، قضيت معظم الوقت في قراءة مواضيع شتى من كتبي الدراسية السابقة و كلما قلبت صفحة جديدة من الكتاب ، قلبت صفحة من ألبوم الصور كيف أستطيع فراق أهلي ...؟ كيف أبتعد عن رغد ؟ إنني أشعر باضيق إذا ما مضت بضع ساعات دون أن أراها و أداعبها ... و أنزعج كلما باتت في بيت خالتها بعيدا عني فيما أنا منهمك في أفكاري و قراءتي ، جاءتني رغد طرقت الباب ، ثم دخلت الغرفة ببطء ، تاركة الباب نصف مفتوح " وليد ... لدي تمرين صعب ... ساعدني بحله " لم يكن هناك شيء أحب إلي من تعليم صغيرتي ، ألا أنني يومها كنت مشغولا ... لذا قلت " اطلبي من والدتي أو سامر مساعدتك ، فأنا أريد أن أذاكر ! " لم تتحرك من مكانها نظرت إليها مستغربا و قلت " هيا رغد ! أنا آسف لا أستطيع مساعدتك اليوم " و بقيت واقفة في مكانها إذن فهناك شيء ما حفظت هذا الأسلوب تركت الكتاب من بين يدي و نهضت ، و قدمت إليها و جثوت على ركبتي أمامها " رغد ... ما بك ؟ " تقوس فمها للأسفل في حزن مفاجئ و قالت " هل صحيح أنك ستسافر بعيدا ؟ " فاجأني سؤالها ، إنني لم أكن أتحدث عن أمر السفر معها ، فالحديث سابق لأوانه
قلت مازحا " نعم يا رغد ! إلى مكان بعيد لا يوجد فيه رغد و لا دانة و لا شجار ! و سأترك رأسي هنا ! " لم يبدو أنها فهمت مزاحي أو تقبلته ، إذ أن تقوس فمها الصغير قد ازداد و بدأت عيناها تحمرّان قالت " و هل ستأخذني معك ؟ " هنا ... عضضت على شفتي و جاء دور فمي أنا ليتقوس حزنا ... طردت الموجة الحزينة التي اعترتني و قلت : " من أخبرك بأنني سأسافر ؟؟ " " سمعت والداي يتحدثان بهذا " مسحت على رأسها و قلت : " سأسافر فترة مؤقتة لأدرس ثم أعود " " و أنا ؟؟ " " ستبقين مع الجميع و حالما أنهي دراستي سأعود و آخذك إلى أي مكان في العالم ! " " لا أريدك أن تذهب وليد ! من الذي سيحبني كثيرا مثلك إذا ذهبت ؟ " شعرت بخنجر يغرس في صدري رغد ... أيتها الفتاة الصغيرة ... التي تربعت في كل خلايا جسمي ، ألا تعلمين ما يعنيه فراقك بالنسبة لي !؟؟ لا أعرف إن كانت قد أحست بالطعنة التي مزقت قلبي أم أنني أهوّل الأمر ، ألا أن دموعها سالت ببطء من مقلتيها دموع أميرتي التي تزلزل كياني مددت يدي و مسحت دموعها و أنا أحاول الابتسام " رغد ! عزيزتي ... لا يزال معك دانة و سامر ... و أمي و أبي ... و نهلة و حسام و سارة و سارة هي الابنة الثانية لأم حسام مع أمهم ! و كل صديقاتك ! لن تكوني وحيدة ! أنا فقط من سيكون وحيدا ! " قالت بسرعة " خذني معك ! " ضغطت على قبضتي ، و قلت " يا ليت ! لا يمكنني ... صغيرتي ! لكنني عندما أعود " و لم أكمل جملتي ، رمت رغد بكتابها جانبا و قاطعتني بسيل من الضربات الخفيفة الموجهة إلى صدري إلى قلبي إلى روحي إلى كل عصب حي في جسدي و شريان نابض " لا تذهب ... لا تذهب ... لا تذهب " " رغد " " أنت قلت أنك ستعتني بي كل يوم و دائما ! لا تذهب ... لا ... لا ... لا " و أخذت تبكي بعمق و كلما حاولت المسح على رأسها أبعدت يدي و ضربت صدري استنكارا ضرباتها لم تكن موجعة ، لو أنني لم أكن مصابا ببعض الكدمات و الرضوض في صدري ، أثر عراكي الأخير مع عمّار و أصحابه شعرت بالألم ، و لكنني لم أحرك ساكنا تركت لها حرية التعبير عن مشاعرها قدر ما تشاء لم أوقفها ... لم أبعدها ... لم أنطق بكلمة بعد إنها رغد التي تربت في حضني ... و عانقت ذات الصدر الذي تضربه الآن ليتهم لم يحرقوا الجامعة ليتهم لم يحرقوا المصنع ليتهم أحرقوا شيئا آخر ليتهم أحرقوا عمّار و يبدو أن صوت رغد قد وصل إلى مسامع والدي فجاء إلى غرفتي و وقف عند فتحة الباب عندما رأى ولدي رغد تضربني ، غضب من تصرفها و بصوت حاد قال ، و هو واقف عند الباب " رغد ... توقفي عن هذا " رغد رفعت رأسها و نظرت إلى والدي ، ثم قالت " لا تدعه يذهب " ألا أن أبي قال بحدة " خذي كتابك و عودي إلى أمك ، و دعي وليد يدرس " لم تتحرك رغد من مكانها ، فرفع والدي صوته بغضب و قال " ألم تسمعي ؟ اذهبي إلى أمك و كوني فتاة عاقلة " رغد التقطت كتابها من على الأرض ، و خرجت من الغرفة أما قلبي أنا فكان يعتصر ألما بعدها ، قلت لأبي : " لماذا يا أبي ؟ إنها ستظل تبكي لساعات ! جاءت تطلب مني تعليمها " والدي قال بغضب " لقد كانت والدتك تعلّمها ، و حين جيء بذكر سفرك ، حملت كتابها و أتت إليك ، نهيناها فلم تطع " قلت مستاءا " لكنك صرفتها بقسوة يا أبي " لم تعجب جملتي والدي فقال " أنت تدللها أكثر من اللازم يا وليد ... يجب أن تعلمها أن تحترمك لا أن ترفع يدها عليك هكذا ، تصرف سيئ " " لكني لا أستاء من ذلك يا أبي ... إنها مجرد طفلة ، كما أنني أتضايق كثيرا إذا أساء أحد إليها ، والدي ... أرجوكم لا تقسوا عليها بعد غيابي ... " من يدري ماذا يحدث ؟ بعد أن أغيب ...؟ هل سيسيء أحد إلى طفلتي ؟؟ إنني لا أقبل عليها كلمة واحدة ليتني أستطيع أخذها معي انتظرت حتى انصرف والدي من المنزل ، ثم فتشت عن رغد ، فوجدها في غرفتها ... و كما توقعت ، كانت غارقة في الدموع أقبلت إليها و ناديتها " رغد يا صغيرتي " رفعت رأسها إلي ، فرأيت العالم المظلم من خلال عينيها البريئتين اقتربت منها و طوّقتها بذراعي ، و قلت " لا تبكي يا عزيزتي فدموعك غالية جدا " قالت : " لا تذهب ... وليد " قلت : " لا بد أن أذهب ... فسفري مهم جدا " " و أنا مهمة جدا " " طبعا أميرتي ! أهم من في الدنيا ! " أمسكت بيدي في رجاء و قالت : " إذا كنت تحبني مثلما أحبك فلا تسافر " في لحظة جنون ، كنت مستعدا للتخلي عن أي شيء ، في سبيل هذه الفتاة و بدأت أفكار التخلي عن حلم الدراسة تنمو في رأسي تلك اللحظة ليتني ... أيا ليتني استمعت إليها يا ليتني فقدت عقلي و جننت لحظتها بالفعل لكنني للأسف ... بقيت متشبثا بحلمي الجميل " عزيزتي ، سأكون قريبا ... اتصلي بي كل يوم و أخبريني عن كل أمورك ! و إذا تشاجرت معك دانة فأبلغيني حتى أعاقبها حين أعود ! " نظرت إلي نظرة سأضيفها إلى رصيد النظرات التي لن أنساها ما حييت ما حييت يا رغد لن أنسى هذه اللحظة " وليد ... خذلتني ... لم أعد أحبك " رغد لم تكلمني طوال الصباح التالي ، بل و لم تنظر إلي كانت حزينة و قد غابت ضحكتها الجميلة و مرحها الذي يملأ الأجواء حياة و حيوية الجميع لاحظ ذلك ، و استنتجوا انه بسبب موضوع سفري و غضب والدي منها يوم الأمس و كالعادة ، أوصلت سامر إلى مدرسته ، ثم دانة و رغد وهي تسير مبتعدة عن السيارة و متجهة نحو مدخل المدرسة ، كانت رغد مطأطئة الرأس متباطئة الخطى جعلت أراقبها قليلا ، فألقت علي نظرة حزينة كئيبة لم أتحمل رؤيتها ،فابتعدت قاصدا المكان الذي سأجري فيه اختباري المصيري | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الخميس مايو 21, 2009 7:11 am | |
| المشوار إلى هناك يستغرق قرابة الساعة ، و كنت ألقي بنظرة على الساعة بين الفينة و الأخرى خشية التأخر أعرف أنها فرصة العمر و أي تأخير مني قد يضيعها حينما أوشكت على الوصول ، وردتني مكاملة هاتفية عبر هاتفي المحمول ، من صديقي ( سيف ) يتأكد من وشوكي على الوصول . و سيف هذا هو أقرب أصحابي ، و هو مرشح معي أيضا لدخول الامتحان . بعد دقيقة ، عاد هاتفي يرن من جديد كان رقما مجهولا! " مرحبا ! لابد أنك وليد ! " بدا صوتا غير معروف ، سألته " " من أنت ؟؟ " قال " يا لذاكرتك الضعيفة يا مسكين ! يبدو أن الضرب الذي تلقيته من قبضتي قد أودى بقدراتك العقلية ! " الآن استطعت تمييز المتحدث ... إنه عمّار " عمّار ؟؟؟ !" " أحسنت ! هكذا تعجبني ! " استأت ، كيف حصل على رقم هاتفي الخاص و ما الذي يريده مني ؟ " ماذا تريد ؟ " " انتبه و أنت تقود ! أخشى أن تصاب بمكروه ! " " أجب ماذا تريد ؟؟ " ضحك ذات الضحكة الكريهة و قال " لا شك أنك في طريقك للامتحان ! أليس كذلك ! إن الوقت سيستغرق منك أقل من ساعتين فيما لو قررت الذهاب إلى المطار ! " ضقت ذرعا به ، قلت " هل لي أن أعرف سبب اتصالك ؟ فإما أن تقول ماذا أو أنهي المكالمة " " رويدك يا صديقي ! سأمهلك ساعتين فقط ، حتى تمثل أمامي و تعتذر قبل أن أسافر بهذه الصغيرة بأي طائرة ، إلى الجحيم ! " بعدها سمعت صرخة جعلت جسدي ينتفض فجأة و يدي ترتعشان ، و المقود يفلت من بينهما ، و السيارة تنحرف عن حط مسيرها ، حتى كدت أصطدم بما كان أمامي لو لم تتدخل العناية الربانية لإنقاذي .... " وليد ... تعال ... " لقد كان صوت رغد جن جنوني فقدت كل معنى للقدرة على السيطرة يمكن أن يمتلكه أي إنسان ... مهما ضعف صرخت " رغد ! أهذه أنت رغد ؟؟ أجيبي " فجاء صوت صراخها و بكاؤها الذي أحفظه جيدا يؤكد أن أذني لا زالتا تعملان بشكل جيد " رغد أين أنت ؟ رغد ردي علي ّ " فرد عمّار قائلا " تجدنا في طريق المطار ! لا تتأخر فطائرتي ستقلع بعد ساعتين ... إلا إن كنت لا تمانع في أن أصطحب شقيقتك معي !؟ " صرخت " أيها الوغد أقسم إن أذيتها لأقتلنك ... لأقتلنك يا جبان " ضحك ، و قال " لا تتأخر عزيزي و لا تثر غضبي ! تذكر ... طريق المطار " حسنا حسنا ثم أنهى المكالمة | |
|
| |
عابر سبيل اشراف وتنظيم
الجنس : عدد المشاركات : 591 تاريخ الميلاد : 05/03/1988 العمر : 36 الموقع : السعودية - الرياض المزاج : no comment!!!!! تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| |
| |
totatota عضو فعال
الجنس : عدد المشاركات : 94 تاريخ الميلاد : 31/07/1984 العمر : 40 تاريخ التسجيل : 26/05/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت السبت مايو 30, 2009 7:33 pm | |
| كلنا منتظرين جد قصة جميلة ومشوقة يا ريت تكملها لينا | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الأحد مايو 31, 2009 5:08 pm | |
| العزيزه توتا توتا مرورك أسعدنى جدا وياستى عشان خاطرك بنزل الليله ان شاء الله جزء منها خالص تقديرى ودمتى | |
|
| |
totatota عضو فعال
الجنس : عدد المشاركات : 94 تاريخ الميلاد : 31/07/1984 العمر : 40 تاريخ التسجيل : 26/05/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الأحد يونيو 07, 2009 4:02 pm | |
| تاخرتي علينا اختي هلا ان شاء الله خير هذه الغيبة | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الإثنين يونيو 08, 2009 10:28 pm | |
| الحلقة السادسة
استدرت بسيارتي بجنون ، و انطلقت بالسرعة القصوى متجها نحو المطار لم أكن أرى الطريق أمامي ، الشوارع و السيارات و الإشارات ... اجتزتها كلها دون أن أرى شيئا منها لم أكن أرى سوى رغد و أتذكر كيف كانت تنظر إلي قبل ساعة ثم أتخيلها في مكان بين يدي عمّار لم أعرف كيف أربط بين الأحداث أو أفكر في كيفية حدوث أي شيء أريد أن أصل فقط إلى حيث رغد لا أعرف كم الوقت استغرقت شهر ؟ سنة ؟ قرن ؟ بدا طويلا جدا لا نهاية له و سرت كقارب تائه في قلب المحيط أو شهب منطلق في فضاء الكون لا يعرف إلى أين و متى و كيف سيصل و بم سيصطدم أخذت هاتفي و اتصلت برقم عمّار الظاهر لدي ، أجاب مباشرة " لقد انقضت عشرون دقيقة ! أسرع فشقيقتك ترتجف خوفا ! " " إياك أن تؤذها و إلا ... " " سأفعل إن تأخرت ! " " أيها الـ ... ... ... دعني أتحدث إليها " جاءني صوتها الباكي المذعور " وليد لا تتركني هنا " " رغد ... عزيزتي أنا قادم الآن ... لا تخافي صغيرتي أنا قادم " " أنا خائفة وليد تعال بسرعة أرجوك ... آه ... أرجوك " أي عقل تبقى لي ؟؟
لماذا لا تتحرك هذه السيارة اللعينة ؟ لماذا لم اشتر صاروخا لمثل هذه الظروف ؟ لماذا لم تحترق في الحرب يا عمّار ألف لعنة و لعنة عليك أيها الجبان ... ويل لك مني بعد ساعة و نصف ، و فيما أنا منطلق كالبرق على الشارع المؤدي إلى المطار ، إذا بي ألمح سيارة تقف جانبا ، و يقف عندها رجل و أنا أقترب توضح لي أنه عمّار بسرعة ، أوقفت سيارتي خلف سيارته مباشرة و نزلت منها كالقذيفة و ركضت نحوه ، في الوقت الذي فتح هو في الباب ، و أخرج رغد من السيارة ... جاءت رغد تركض نحوي فالتقطتها و رفعتها عن الأرض و أطبقت بذراعي حولها بقوة " رغد ... رغد صغيرتي ... أنا هنا ... أنا هنا عزيزتي " رغد كانت تحاول أن تتكلم لكنها لم تستطع من شدة الذعر كانت ترتجف بين يدي ارتجاف الزلزال المدمر ... كانت تحاول النطق باسمي لكن لم تستطع النطق بأكثر من " و ... و ... و " انهمرت دموعي كالشلال و أنا أضغط عليها و هي تضغط علي و تتشبث بي بقوة و أشعر بأصابعها تكاد تخترق جسدي فيما ترفع رجليها للأعلى كأنما تتسلقني خشية أن تلامس رجلها الأرض و تفقدها الأمان " أنا معك عزيزتي لا تخافي ... معك يا طفلتي معك " حاولت أن أبعد رأسها قليلا عني حتى أتمكن من رؤية عينيها و إشعارها بالأمان ، لكنها بدأت بالصراخ و تشبثت بي بقوة أكبر و أكبر كأنها تريد أن تدخل بداخلي " وليد ! لديك امتحان مهم ! هل ستضيّع الفرصة ؟ " قال هذا عمّار الوغد و أطلق ضحكة كبيرة انتابتني رغبة في تحطيمه ألا أن رغد عادت تصرخ حينما خطوت خطوة واحدة نحوه " خسارة يا وليد ! جرّب حظك في مصنع والدي ! " و ابتسم بخبث : " دفّعتك الثمن ... كما وعدت " ثم استدار و هم بركوب سيارته ... خطوت خطرة أخرى نحوه ، فأخذت رغد تصرخ بجنون " لا .. لا .. لا .. لا .. لا " انثنى عمّار ليدخل السيارة ، ثم توقف ، و استقام ، و استدار نحوي و قال " نسيت أن أعيد هذا ! " و من جيب بنطاله أخرج شريطا قماشيا طويلا ، و رماه في الهواء باتجاهي رقص الشريط كالحية في الهواء ، وأنا أراقبه ، في نفس اللحظة التي ظهرت فيها طائرة في السماء مخترقة قرص الشمس المعشية ، و دوت بصوتها في الأجواء ، فيما يتداخل صوتها مع صوت عمّار وهو يقول " إلى الجحيم ! " ثم هبط الشريط المتراقص تدريجيا و بتمايل حتى استقر عند قدمي ّ ركزت نظري على الشريط ، لأكتشف أنه الحزام الذي تلفه رغد حول خصرها ، و التابع لزيها المدرسي الذي ترتديه الآن رفعت نظري ببطء و ذهول و صعق إلى وجه عمّار ، فحرك هذا الأخير زاوية فمه اليمنى بخبث إلى الأعلى في ابتسامة قضت علي ّ تماما ... و دمرتني تدميرا أبعدت وجه رغد عن كتفي و أجبرتها على النظر إلي ... فيما أنا عاجز عن رؤية شيء ... من عشي الشمس ... و هول ما أنا فيه لم أر إلا دمارا و حطاما و نارا و جحيما لهيبا ... و صراخا ... و دموعا تحترق ... و آمالا تتبعثر ... و أحلاما تظلم
سوادا في سواد عند هذه اللحظة ، نزعت رغد عني عنوة ، و دفعت بها أرضا و نظرت من حولي فإذا بي أرى صخور كبيرة قربي التقطت واحدة منها ، و بسرعة لا تجعل مجالا للمح البصر بإدراكها ، و قوة لا تسمح لشيء بمعاكستها ، رميتها نحو عمار و هو يهم بركوب سيارته ، فارتطمت برأسه ... و صرخ ... و ترنح لثوان .. ثم هوى أرضا و انتفض جسده و انتزعت روحه و إلى الجحيم
الى الجحيــــــــم يا عمــــــــــار | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الإثنين يونيو 08, 2009 10:31 pm | |
| الحلقه السابعة
لم يحضر والداي في ذلك اليوم ، و لا اليوم الذي يليه ، و لا الأسبوع الذي يليه ، و لا الشهر الذي يليه ، و لا السنين التي تلته واحدة تلو الأخرى ....
أصبحت منقطعا بشكل نهائي عن أهلي و عن الدنيا بأسرها اعتقد أن مكروها قد ألم بهم ، و لا أستبعد أن يكونوا قتلوا في الحرب
الشخص الوحيد الذي حضر لزيارتي بعد عامين كان صديقي القديم سيف
" لا أصدق أنك تذكرتني ! لا بد أنني أحلم ؟ "
قلت ذلك ، و أنا مطبق بكل قوتي على صديقي ، كمن يمسك بخيال يخشى ذهابه
" لم أنسك أيها العزيز ... إنني عدت للبلد بصعوبة قبل أيام ، فكما تعلم كنت مسافرا للدراسة في الخارج ... أوضاع البلد لم تسمح لي بالعودة قبل الآن "
سألته بلهفة و خوف
" و أهلي ؟ عائلتي ؟ ما هي أخبارهم ؟؟ أما زالوا أحياء ؟ لماذا لا يزورونني ؟ "
سيف طأطأ برأسه و تنهد بمرارة ، فأغمضت عيني ّ و وضعت يدي فوقهما لأتأكد من أن الخبر المفجع لن يصلني
سيف ربت على كتفي و قال
" لا علم لي بأخبارهم يا وليد ... إذ يبدو أنهم اضطروا للرحيل عن المدينة و ربما سافروا لمكان بعيد ... و لم يتمكنوا من العودة "
تأوهت و شعرت بشيء يخترق صدري فتألمت ... تهت بعيدا هل انتهى كل شيء ؟ أمي و أبي سامر و دانة و الحبيبة رغد حياتي كلها هل انتهى كل ذلك ..؟؟
شعر سيف بألمي فعانقني بعاطفة ملتهبة ... و قال
" سأحاول تقصي أخبارهم يا وليد ... الدنيا في الخارج مقلوبة رأسا على عقب ... ربما تكون أنت قد نجوت بدخولك هذا السجن ! "
أبعدت سيف عني قليلا بما يسمح لأعيننا باللقاء
قلت
" أريد أن أخرج من هنا "
أمسك سيف بيدي و شدّ عليها ... عيناه تقولان أن الأمر ليس بيده
قلت
" سيف ... سيف أنت لا تعلم كم الحياة هنا سيئة ! إنهم ... إنهم يا سيف يضعون الحشرات عمدا في طعامنا و يجبروننا على قضم أظافرنا ... و المشي حفاة في دورات المياه القذرة سيف ... إنهم لا يوفرون لنا الأشياء الضرورية كالمناديل و شفرات الحلاقة أنظر كيف أبدو ؟ ألست مزريا ؟ عدا عن ذلك ، فهم يضربون و بعنف كل من يبدي استياء ً أو يتذمر زنزانتي يا سيف ... لا يوجد فيها فتحة غير الباب المقفل ... لا هواء و لا نور إنني مشتاق إلى الشمس ... إلى الهواء النقي ... إلى أهلي ... إلى الحياة ... إلى كل شيء حرمت منه ... أبسط الأشياء التي تجعلني أحس بأنني بشر ... مخلوق كرّمه الله ! إلى ... فرشاة أسنان نظيفة أنظّف بها أسناني ! "
و لو كنت استمررت في وصف حالي له ، لكان فقد وعيه من الذهول ... ألا أنني توقفت حين شعرت بيده ترتخي من قبضها على يدي و رأيت الدموع تتجمع في مقلتيه منذرة بالهطول
أغمضت عيني ّ بحسرة و أنا أتخيل و أقارن بين حياتي في البيت ، و حياتي في هذه المقبرة ... و جاء طيف رغد و احتل مخيلتي الآن أراها و هي تقول في لقائنا الأخير
" لا ترحل ... لا تتركني "
و تتلاشى هذه الصورة ، ثم تظهر صورتها و هي مذعورة و ترتجف بين ذراعي ، ذلك اليوم المشؤوم
ثم تظهر صورة عمّار ، و ابتسامته الخبيثة لحظة رميه الحزام في الهواء " إلى الجحيم "
قلت دون وعي مني
" كان يجب أن أقتله ... و لو يعود للحياة ... لقتلته ألف مرّة "
انتبه صديقي سيف من شروده و تخيله لحالتي الفظيعة ، قال
" لماذا ؟ "
نظرت إله ، بصمت موحش ... فعاد يقول
" لماذا يا وليد ؟... الذي دفعك لان ترمي بنفسك في حياة كهذه لابد أنه ...؟؟ "
و لم يتم جملته ، استدرت موليا إياه ظهري تماما كما استدرت حين سألني يوم الحادث
سيف لم يصبه اليأس مني ... قال
" أخبرني يا وليد ... فقد يكون أمرا يقلب الموازين و يخرجك من هنا بمدة أقصر ... والدي أكد لنا ذلك فيما مضى و قد يستطيع إعادة النظر في قضيتك بشكل ما "
بدا و كأن قلبي قد تعلّق بأمل الخروج ... و البحث عن أهلي و العودة إليهم و لكن ... ألم يفت الأوان ...؟؟
" وليد "
استدرت لأواجه سيف ... كانت نظرات الرجاء تملأ عينيه ... إنه الوحيد الذي أتى ليزورني من بين أصحابي و أهلي و الناس أجمعين
" لماذا وليد ...؟ "
" سيف "
" كنتَ على وشك الوصول لقاعة الامتحان ... ما الذي أخبرك به ، ثم أجبرك على ترك الامتحان و الذهاب إلى تلك المنطقة ؟ و بالتالي ... قتله ؟؟ "
" كان يجب أن أقتله "
" لماذا قل ؟ أخبرني "
" لأنه "
" أجل ..؟؟ "
" لأنه ... ... لأنه اختطف صغيرتي رغد ... و هددني بإيذائها ما لم أسرع بالحضور لتلك المنطقة "
أصيب سيف بالذهول ... و اتسعت حدقتا عينيه و انفغر فاه مصعوقا
قال ، دون أن تتلامس شفتاه
" و ... ؟ "
" و انتهى كل شيء " | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الإثنين يونيو 08, 2009 10:47 pm | |
| الحلقة الثامنة
ذات يوم و فيما كنا أنا و نديم و بعض شركاء الزنزانة نسلي أنفسنا باللعب بالحصى ، و هي لعبة سخيفة اخترعناها من أجل قطع الوقت الذي لا ينتهي ، و كنا نسر أو نتظاهر بالسرور أو نقنع أنفسنا به ، فتح الباب و دخل مجموعة من العساكر . توقفنا جميعا عن اللعب ، و انسابت أنظارنا نحوهم . لم نكن نشعر بأي طمأنينة لدى دخول إي منهم ... فمجيئهم ينذر بالشر و الخطر بدأ العساكر يجولون بأبصارهم فيما بيننا بأزدراء و تقزز . ثم تقدم أوسطهم خطوة للأمام و قال " نديم وجيه "
و جعل ينقل بصره من واحد لآخر
نديم أجاب بعد برهة :
" أنا "استدار العسكري إلى رفاقه و أومأ إليهم
تقدّم اثنان منهم و أقبلا نحو نديم ... و قالا بحدة
" انهض " نهض نديم ببرود ، فإذا بهما يطبقان عليه بشراسة و يقودانه نحو الباب نديم سار معهما دون مقاومة ، فيما كانت أفئدتنا وجلة متوقعة شرا . لم ينبس أحدنا ببنت شفة ، و بقينا في صمت رهيب و نحن نراقب نديم بقلق ، فيستدير هذا الأخير ليلقي علينا نظرة و يبتسم خرج العساكر بنديم و أقفلوا الباب و بقينا في صمت فظيع لبضع دقائق كنت أنا أول من أصدر صوتا اخترق جدار الصمت الموحش حين قلت
" إلى أين أخذوه ؟ "
هز البقية رؤوسهم في حيرة و تساؤل مضت ساعتان أو أكثر و نحن في هدوء و قلق ... في انتظار عودة نديم و بدا أنه لن يعود بدأت أذرع الزنزانة ذهابا و جيئة و أنا أدعو الله ألا يكون نديم قد أعدم و بينما أنا كذلك ، إذا بالباب يفتح مجددا ، و يدخل اثنان من العساكر يحملان نديم و يلقيان به أرضا ، ثم ينصرفان أقبلنا بسرعة نحو نديم فإذا بالدماء تلطخ جسمه و ملابسه و إذا بالجروح و الكدمات الملتهبة تغطي جسده " نديم ! ماذا فعلوا بك ؟؟ " صرخت في ذعر و أنا أرفع رأسه و أسنده على ركبتي لم يكن نديم بقادر على الكلام من شدة الإعياء و كان جليا لنا أنه تعرض لتعذيب شديد تناوبنا جميعا في العناية به حتى بدأت الحياة تجري في عروقه . أخبرنا فيما بعد بأنهم أوسعوه ضربا من أجل الإدلاء بمعلومات لا علم له بها و أنهم في طريقهم لإعدامه حتما في اليوم التالي ، حضر العساكر أيضا ، و ما أن دخلوا السجن حتى ارتعشت قلوبنا جميعا و اشرأبت أعناقنا و تعلقت أبصارنا بهم في حالة لا توصف من الذعر في تلك اللحظة كنت أجلس جوار نديم أنظف بعض جروحه و بلا شعور مني أمسكت بذراعه بقوة خشية أن يأخذوه هتف أحدهم " معتز أنور " انتفضنا جميعا ، و كان معتز ، و هو أحد زملاء الزنزانة ، و أحد مجرمي السياسة، أكثرنا انتفاضا و ذعرا صرخ معتز بفزع : " لا " و تقدم العساكر نحوه ، و هو يتراجع للوراء و يداه ترتجفان و العرق يغرق جسمه الهزيل تقدم العساكر بلا رحمة و أمسكوا به و هو يصرخ و يقاوم في عجز ، و قادوه خارجا . و ما هي إلا ساعة و نصف الساعة ، حتى أعيد إلينا بحالة سيئة ، مليئا بالجروح و الكسور أيضا . أصبحنا نعيش حالة مستمرة من الخوف الشديد ، و لم يستطع أحدنا النوم بعدها . و أصبحنا لمجرد سماعنا لأي صوت يصدر من ناحية الباب ، يركبنا الفزع المهول و جاء اليوم التالي ، و جاء العساكر مجددا كنا جميعا متكومين قرب بعضنا البعض ، و أعيننا محدقة بهم ، و كل منا في خشية من أن يكون التالي " وليد شاكر " عندما نطق باسمي صعقت ، بل و صعق جميع من معي أخذ قلبي يخفق بعنف ، و أنا أراقب العساكر يتقدمون نحوي خطوة خطوة صرخت " لكنني لست على علاقة بالسياسة " لم أكد أنهي جملتي إلا و العساكر قد أمسكوا بي حاولت سحب يدي من بين أيدهم بكل ما استطاعت عضلاتي إمدادي به القوة و فشلت ... " أنا هنا لجريمة قتل ... لا شأن لي بالسياسة " حاولت مستميتا التخلص منهم و مقاومتهم دون جدوى قادوني عنوة نحو الباب و لم يستطع أحد زملائي النطق بكلمة واحدة و أنا أسحب إلى الخارج نظرت إلى نديم و قلت " ماذا سيفعلون بي ؟ ما الذي فعلته أنا ؟ " نديم أغمض عينيه بقوة ، في أسف و ألم و كأنه يقول : أرثي لك ، ويل لك مما ستلقى و لقيت ، ما لم ألقه في حياتي مطلقا
لقيت أصنافا من العذاب التي أتوجع و أتلوّى من مجرد ذكرها عذابا ... ينسي المرء اسمه و جنسه تمنيت ساعتها ، لو أن أمي لم تلدني لو أنني قتلت نفسي يوم قتلت عمّار لو أن الله خلقني بلا أعصاب و إحساس و لا قلب و لو أن الدنيا خلت من اسم العذاب و اسم السجون و حتى من اسم رغد الأوقات الوحيدة في حياتي كلها ، التي تمنيت فيها لو أن رغد لم تكن ... و لم توجد أصبت بكسر في أنفي جعل شكله يتغير و تظهر انحناءة صغيرة أعلاه . بقيت ممدا على سريري بلا حراك ليومين ، كان فيها من بقى من زملائي سالما يعتني بي ، و بنديم و معتز ، و اثنين آخرين بعدها بأيام ، علمنا من الحارس أن اسمي قد أدرج خطأ ضمن قائمة المجرمين السياسيين مجرد خطأ ! كان ذلك بعد عدة أشهر من زيارة سيف الأولى و قبل أشهر أخرى من زيارته التالية و التي ابتدأها بقول " وليد ! ماذا فعلت بأنفك !؟ "
سردت على سيف ما حصل ، و وعدني بان يتم ذكر هذا في ملفي
عندما سألته عما جد في موضوعي أخبرني بأن والده لا يزال يدرس الأمر
و لدى سؤالي عن أهلي قال : " اختفوا ! " زاد ذلك ضيقي و إحباطي الشديدين و قضى على بقايا الأمل بالخروج من هذا المكان بدأت أؤمن بأنهم قد قتلوا جميعا في الحرب ... و إن كان الأمر كذلك ، فإنني لا أرغب في الخروج بل أرغب في الموت
أحقا لم يعد لأهلي أي وجود ؟؟
أماتوا ؟
أم تخلوا عني ؟
أم ماذا ؟؟ و رغد ؟؟ ماذا حل برغد ؟؟ في تلك الليلة ، رأيت كابوسا أفزعني رغد و سامر يلهوان بالدراجة الهوائية ، ثم يهويان في حفرة مليئة بالجمر المتقد ثم تشتعل النيران و تكبر ، و تحرق منزلنا و آتي صارخا أحاول إخراج رغد من الحفرة و أمد يدي فإذا بي أخرج حزاما طويلا تأكله النيران و أقرب وجهي من الحفرة ، فإذا بي أرى وجه عمّار في الداخل ، يبتسم ثم يقهقه و أسمع صراخا يدوي السماء صراخ رغد ... " و ليـــــــــد ... أنا خائفة ... تعال " أفقت من نومي مذعورا ، و العرق يبلل ملابسي و فراشي ، كما تبلل الدموع وجهي المفزوع كنت أرتجف ، و أتنفس بصعوبة بالغة ... و بلا إدراك اهتف " رغد ... رغد " صديقي نديم أقبل نحوي و أخذ يهدئني و يطمئنني " هوّن عليك يا وليد ... لم يكن إلا كابوسا " لم أشعر بنفسي و أنا ارتمي على صدر نديم و أبكي بقوة و أهذي " أريد العودة لأهلي ... دعوني أراهم و لو مرة واحدة ثم اقتلوني ... لا أريد الموت قبل ذلك ... أريد أن أحقق أحلامي أريد أن أكمل دراستي أريد العودة إلى رغد كان يجب أن أقتله انتظريني يا رغد فأنا قادم " و نهضت كالمجنون ... و توجهت نحو الباب و أخذت أضربه بعنف و أصرخ " أخرجوني من هنا ... أخرجوني من هنا أيها الأوغاد " لحق بي نديم ليمنعني من إثارة مشكلة ألا أنني أبعدته عني بركلة قوية من رجلي ... و ظللت أركل الباب بشدة و أنا مستمر في الصراخ حضر مجموعة من الحراس و فتحوا الباب ، ثم انهالوا علي ضربا بعصيهم حتى شلوا حركتي ... و انصرفوا لم يجرؤ أحد السجناء على فعل شيء حتى لا يلقى ذات المصير و منع عني الطعام في اليوم التالي تدهورت صحتي الجسدية و النفسية بشدة بعد تلك الليلة ، و قضيت عدة أسابيع طريح الفراش و ربما هذا ما منع العساكر من تطبيق نظام التعذيب اليومي على جسدي إلا إن أدركوا أنهم كانوا مخطئين ! | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الإثنين يونيو 08, 2009 11:19 pm | |
| الحلقة التاسعة أخيرا جاء دوري صرتم تعرفونني جميعا اسمي رغد ، و أنا يتيمة الأبوين أعيش في بيت عمّي الوحيد شاكر منذ الطفولة أنهيت دراستي الثانوية مؤخرا و أفكر في الالتحاق بكلية للفنون و الرسم . أعشق الرسم كثيرا و أنا ماهرة فيه الجميع يعرفني برغد المدللة ، حيث أنني تعودت منذ الصغر الحصول على كل ما أريد ، و بأي طريقة اليوم نقيم في منزلنا الصغير حفلة متواضعة بمناسبة تخرجي من المدرسة الثانوية . لم يتسن لنا إقامتها قبل الآن لأن والدتي ـ أي زوجة عمي ـ كانت متوعكة الصحة في الواقع ، صحة والدتي ليست على ما يرام منذ سنين دانه تبالغ في وضع المساحيق لتبدو ملفتة للنظر رغم أنها لم تكن ترحب بفكرة الحفلة ، إذ أننا لم نقم حفلة عند تخرجها ، ألا أنها مصرة على سرقة الأضواء مني هذه الليلة " إنها حفلة بسيطة و لا تقتض منك كل هذا ! تبدين كعروس بكامل زينتها " قلت لها و أنا واقفة أراقبها و هي ( مزروعة ) أمام المرآة منذ ساعات لم تلتفت إلي ، و قالت " ما دمنا قد دعوناهن، فلنبهرهن ! قد تعجب بي إحداهن فتخطبي لأخيها مثلا ! " و ابتسمت بدهاء أنا أعرف من تقصد تحديدا ... لديها صديقة من عائلة ثرية جدا و شقيقها رجل تحلم نصف فتيات العالم بالزواج منه ، أما النصف الآخر فيبغضه بشدة إنه لاعب كرة قدم مشهور و صوره تملأ الصحف و المجلات و برامج التلفاز أيضا! قلت " لا أعرف ما الذي يعجبكن في شخصية كهذه ! إنه حتى لا يتوقف عن توزيع الضحك و الابتسامات و كأنه مهرج " نظرت إلي بحدة من خلال المرآة ، ثم قالت " على كل ٍ ، الأمر لا يعنيك فأنت أخذت نصيبك و انتهى دورك " ثم انشغلت بتزيين خصلة من شعرها بسائل ملمّع صرفت نظري عنها ، إلى يدي اليمنى ، بالتحديد إلى إصبعي البنصر ، و بمعنى أدق ، إلى خاتم الخطوبة الذي أضعه منذ سنين بمجرد أن بلغت الرابعة عشر من عمري أي قبل ثلاث سنوات و أكثر ، تم عقد قراني على ابن عمي سامر و بقينا مخطوبين حتى إشعار آخر سامر ... يكبرني بخمس سنوات تقريبا ، و ما أن تخرج من الثانوية حتى بادر بطلب الزواج مني والدي ، بل و والدتي و دانة أيضا ... الجميع كان يريد ذلك ، فأنا أصبحت فتاة بالغة و لم يكن من الممكن بقائي و ابن عمي في بيت واحد دون حرج على كلينا عدا عن ذلك ، فإن سامر يحبني بجنون كما و أنني كنت السبب في الحادث الذي شوه وجهه ، و قلل فرصه لنيل إعجاب الفتيات قطعا أما أنا ، و بالرغم من كوني جميلة أيضا ، ألا أن هذا الخاتم يصرف الجميع عن الالتفات إلي على أية حال نحن لا نفكر في الزواج الآن فسامر لا يزال يبحث عن وظيفة و أنا أطمح إلى الحصول على شهادة جامعية نبهتني دانة من شرودي الذي لاحظته من خلال انقطاعي عن التعليق المستمر على مظهرها قالت " أين سرحت ؟ ألن تبدلي ملابسك ؟ إنهن على وشك الوصول " غادرت غرفتها و اتجهت إلى غرفتي ، حيث ارتديت فستاني الجديد الرائع ... و الذي أضطر والدي لشرائه لي رغم ارتفاع ثمنه ، فقط لأنني قلت : أريده لي كان فستانا خمري اللون مطرزا بخيوط ذهبية ، طويل الذيل ، و بدون كمّين ، مما يسمح للندبة ا القديمة في ذراعي اليسرى بالظهور أكملت زينتي و تحليت بطقم العقد الذهبي الذي أهدتني إياه والدتي قبل أيام حينما لففت السوار حول معصمي الأيسر ، لم يبدُ منظره متناسقا مع الساعة إذ أن السوار ذهبي بينما الساعة فضية اللون
هممت بخلعها ، لكنني لم أستطع ... لا أريد أن أبقيها بعيدة عني في هذه الليلة لطالما كانت قريبة مني و ملتصقة بي لم أكن آبه لتعليقات زميلاتي المزعجة حول ارتدائي لساعة رجالية إنها شيء لا أستطيع التخلص منه ... تماما كهذه الندبة نزعت السوار الذهبي ، و حاولت لفه حول معصمي الأيمن ففشلت " سحقا " صحت بغضب ، في ذات اللحظة الذي طرق فيها الباب لابد أنها دانه جاءت تقارن بين مظهرينا كالعادة " ادخل " قلت ذلك و أنا مازلت أحاول إغلاق السوار بيدي اليسرى حول معصمي الأيمن دون جدوى " مساء الخير " لم يكن هذا صوت دانه ، بل سامر رفعت بصري إليه و باندفاع قلت " سامر ، هل لا أغلقت هذه قبل أن أحطمها ؟ " و أقبلت نحوه أمد إليه بمعصمي الأيمن و بالسوار " رويدك ! هاتي " و أغلق السوار حول يدي اليمنى ، فسحبتها ألا أنه أمسك بها و قال " تبدين رائعة ! جدا " تورد خداي خجلا .. ثم قلت " مساء النور ... ! هل قلت ُ ذلك ؟ " ابتسم ، و قال " لا أظن " " إذن مساء النور " ثم سحبت يدي فأطلقها توجهت إلى سريري ألملم الأشياء التي بعثرتها أثناء تزيين نفسي ، و دخل سامر و أغلق الباب " رغد " ناداني بصوت مرح و بابتسامة مشرقة ، و سعادة تملأ عينيه " نعم ؟ " أقبل نحوي ، و عاد يمسك بيدي و قال " لدي خبر سار جدا " ابتسمت و قلت " هات ؟ " " لقد عثرت على فرصة ذهبية للعمل في وظيفة مرموقة " فرحت كثيرا ! قلت بسرور " حقا ! أوه أخيرا ... ممتاز " شد سامر قبضته على يدي و قال منفعلا " أخيرا ! كم أنا سعيد و لا يتسع صدري لفرحتي هذه ! سأحصل على راتب عظيم " بالنسبة لنا فهذا شيء مهم جدا ، لأن أحوالنا المادية كانت في انحطاط بسبب ظروف الحرب ، و كنا بحاجة لدعم مادي جيد قلت " متى تباشر العمل ؟ " " حالما أنهي الإجراءات اللازمة . سأحاول إتمامها خلال يومين أو ثلاثة " " وفقك الله " قرب سامر يدي من صدره ، و قال " يجب أن نحدد موعد الزواج " تفاجأت ، فنحن لم نتحدث عن الزواج بجدية بعد حالما رأى سامر علامات التعجب ظاهرة على وجهي قال " عملي سيكون في مدينة أخرى ، و أريد أخذك معي " سحبت يدي مجددا ، في توتر فالخبر قد فاجأني ، و لم يعجبني ... قلت " في مدينة أخرى ؟ ... لم عليك الذهاب لمدينة أخرى ؟ " قال " تعرفين كم هو صعب العثور على وظيفة جيدة بسبب ظروف البلد ... إنها فرصة لا يمكنني رفضها مطلقا . أخبرت والدي ّ فشجعا ذهابي " صرفت نظري عنه إلى الأرض بضع ثوان ، ثم عدت أنظر إليه و قلت " و شجعا زواجنا ؟ " ابتسم ، و قال " لم أذكر ذلك لهما بعد . أود أن نناقش الأمر نحن أولا " من البرود الذي اعترى تعابيري أدرك سامر عدم موافقتي ، فقال " لم لا ؟ " قلت " و الكلية ؟؟ " قال " الكلية ... هل هناك ضرورة لها ؟ "
" بالطبع ... أريد أن أدرس ، إنها فرصتي " صمت سامر قليلا ، ثم قال " اصرفي نظر عنها يا رغد أرجوك ... أنا لا أريد تضييع الفرصة ، كما لا أريد العيش وحيدا هناك ... تعلمين أنني لا أستطيع الابتعاد عنك " و أخذ ينظر إلى نظرات رجاء و أمل
كنت على وشك قول : لنؤجل النقاش في الأمر لوقت أنسب لأن ضيفاتي على وشك الوصول ألا أن طرق الباب سبقني ، و دخلت دانة مباشرة و هي تقول " رغد ! ألم تنتهي ؟ وصلت نهلة ! " التفتنا أنا و سامر نحو دانة ، و التي أخذت تحدق بي قليلا ثم التفتت إلى سامر و قالت: " أنت هنا سامر ؟ قل لي كيف أبدو ؟ أليس فستاني أكثر جمالا من فستان رغد ؟ " سامر أخذ يدور ببصره بيننا ثم قال مداعبا " أنا لا أصلح للحكم بين خطيبتي و أختي ! فخطيبتي ستبدو أجمل في كل مرة ! " ثم انصرف مسرعا و هو يضحك . بقينا نحن الاثنتان كل منا تتأمل الأخرى ، حتى وقعت عينا دانه على ساعة يدي ، فقالت بحدة " رغد ! ستبدين في منتهى السخافة هكذا ! اخلعيها و لا تحرجينا أمامهن ! " نظرت إليها بغضب و قلت بعناد " لن أخلعها ، و سأظل الأجمل أيضا ! " في غرفة الضيوف حيث نقيم الحفلة ، وجدت نهلة و سارة ، ابنتا خالتي قد وصلتا و كانتا أول من حضر . " واو ! فستان رائع ! ما أجمله يا رغد ! " قالت نهلة و هي تبعد يدها بعد مصافحتي نهلة كانت صديقة طفولتي الأولى ، و انتقلت مع عائلتها للعيش في هذه المدينة مثلنا أيضا منذ سنين ، و لا تزال أفضل صديقة لدي . أما سارة فهي الشقيقة الوحيدة لنهلة ، و تصغرني بست سنوات ، و تلازم نهلة كالظل " هل أعجبك حقا ؟ اشتراه والدي بسعر مرتفع ! إنني أعامله كأي قطعة من حليي هذه ! " ابتسمت نهلة و قالت " كم أحسدك ! لديك أب يدللك كما لا يدلل والد ابنته ! رغم أنك لست ابنته الحقيقية ! " هذه الكلمة تزعجني كثيرا ، فأنا لا أحب أن يشير أحد إلى والدي ّ بأنهما ليسا والدي ّ الحقيقيين . إنني اعتبرتهما كذلك منذ الصغر و لا أعرف والدين غيرهما مطلقا . قلت بنبرة مازحة " لأنني البنت الصغرى ، و آخر العنقود ... يجب أن أتدلل " ثم نظرت إلى سارة و قلت " أليس كذلك سارة ؟ " أجابت ببرود " كما تقول أختي " رفعت نظري عن هذه الفتاة البليدة ، و عدت أخاطب نهلة " و كيف حال خالتي و زوج خالتي ؟ و حسام ؟ " أجابت " بخير جميعا ! حسام أوصلنا إلى هنا و أظنه يلقي التحية على والدك الآن " ثم أضافت ، و هي تنظر إلي من زاوية عينها بخبث " و على فكرة ، هو يبعث إليك أيضا بتحية حارة مشتعلة " رفعت إصبعي ال***بة الأيمن و ضربت جبينها ضربة خفيفة و أنا أقول " لا تتوبين " و انبعث ضحكاتنا تملأ الأجواء . ما إن حضرت صديقتنا الثرية حتى استقبلتها دانه استقبالا حميما ، و أولتها اهتماما مركزا طوال الحفلة أتساءل ... هل هذا ما يحدث مع جميع الفتيات هل يجذبن العرسان إليهن بهذه الطريقة ؟؟ حقيقة لا أعرف بينما كنا في أحاديثنا المتواصلة في الحفلة ، سألتني هذه الصديقة " هل أنت مخطوبة " و كانت تنظر إلى خاتم الخطوبة المطوق لإصبعي ، و في دهشة واضحة تولت دانة الإجابة بسرعة
" ألم أخبرك مسبقا ؟ إنها و شقيقي مرتبطان منذ زمن " قالت الصديقة " و لكن ... تبدين صغيرة ! " و مرة أخرى تدخلت دانة قائلة " تصغرني بعامين و بضعة أشهر ، لكن حجمها صغير ! " صحيح أن طولي لا يقارن بطول دانه أو سامر ، لكنني لست قصيرة ! بل هما الطويلان كما هما أبي و أمي إنني أبدو بالفعل لست من هذه العائلة قلت مداعبة " هذا يجعلني قادرة على ارتداء الأحذية الأنيقة ذات الكعب العالي المتماشية مع الموضة ! على العكس من دانة ! " و ضحكنا جميعا بمرح قضينا سهرة ممتعة أنستني تماما موضوع سامر الأخير . و بعد الحفلة ، أويت إلى فراشي مباشرة و نمت بسرعة ، دون أن يخطر الموضوع ببالي . في اليوم التالي ، و فيما أنا منشغلة برسم لوحة جديدة في غرفتي ، جاءني سامر " ألم تتعبي ؟ قضيت فترة طويلة في الرسم ! " " الرسم لا يتعبني مطلقا يا سامر ، بل أهواه و أجد راحة كبرى أثنائه و سعادة غامرة لا أجدها مع أي شيء آخر " قال " و لا حتى معي أنا ؟؟ " " [b] | |
|
| |
هلا مشرفة منتدى المرأه والمجتمع
الجنس : عدد المشاركات : 385 تاريخ الميلاد : 11/02/1992 العمر : 32 الموقع : بلاد الله الواسعة تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت الإثنين يونيو 08, 2009 11:30 pm | |
| كان سامر يقف إلى جانبي يتأمل رسمي الجديد ... و كنت أنا أدقق النظر في اللوحة و ألقي عليه نظرة بين الفينة و الأخرى
و حين نطق بجملته الأخيرة هذه ، أطلت النظر إليه ، فشعرت بالخجل و طأطأت رأسي
" رغد "
لم أجب
مد سامر يده فامسك بوجهي و رفعه للأعلى
قال
" رغد ... هل فكرت بموضوعنا ؟ "
في تلك اللحظة فقط تذكرت الموضوع
آه يا إلهي كم هي ضعيفة ذاكرتي
سامر كان يتحدث باهتمام ... فالأمر يعني له الكثير ، و قد قضى وقتا طويلا في البحث عن عمل
لم أشأ أن أصيبه بخيبة بقولي : كلا
فقلت :
" لازلت أفكر "
سامر قال بنبرة مليئة بالرجاء
" أرجوك يا رغد ... يجب أن أبدأ الإجراءات المطلوبة قبل أن تضيع الوظيفة "
نظرت إليه و قلت :
" ماذا لو ... عملت أنت هناك ، و أكملت دراستي أنا هنا ... ثم "
لم أتم جملتي ، إذ أن سامر هز رأسه اعتراضا و قال :
" لا ... إما أن نذهب سويا ... أو نبقى سويا "
كنت أدرك أن سامر لا يستطيع الابتعاد عنا ، كما أن علاقاته بالآخرين محدودة و كثيرا ما كان يتجنب الاجتماعات المختلفة ، ليتلافى الحرج من وجهه المشوه .
حتى أنه حين أراد إكمال دراسته ، اختار مجالا لا يدع له الفرصة للاحتكاك بالآخرين إلا نادرا
سامر ... هو شخص هادئ و مسالم ... و طيب القلب
قلت :
" دعنا نأخذ برأي أبي و أمي كذلك ... يجب أن تتم أنت الإجراءات الآن ، فيما نفكر بروية "
ابتسم سامر و قال
" سأذهب الآن لإنجاز ذلك ، و أعرض الأمر على والدي ّ الليلة ! سنفاجئهما ! "
ابتسمت ابتسامة قلقة حائرة ، و تركته يذهب و واصلت رسم لوحتي
كنت مصرة على إنجاز تلك اللوحة بأسرع وقت
و في الليل ، تركت سامر يذهب إلى غرفة والدي لعرض الفكرة ، فيما بقيت في غرفتي في قلق و حيرة ... و أخذت أفكر
و يبدو أن كثرة التحديق في اللوحة أصابت عيني بل و جسدي بالإعياء ، فأغمضتهما و لدهشتي استسلمت للنوم
أفقت بعد ذلك فزعة على صوت طرق متواصل على الباب
نهضت عن سريري بفزع ... و أصغيت إلى الهتاف
" رغد ... رغد افتحي ... افتحي بسرعة ! "
كانت دانة !
سرت إلى الباب بسرعة و ارتعاش و أنا في قمة القلق
و قبل أن أصل إليه رأيته ينفتح و تدخل دانة في انفعال
كانت في حالة يصعب علي وصفها
كان جسدها يرتعش ، و أنفاسها تتضارب و تتلاحق بسرعة عبر فيها المفغور ... ذراعاها مفتوحتين ... و يداها مرفوعتين
و أصابعها منفرجة ، و تهتز بشدة
و الدموع تنهمر بغزارة على خديها
قلت في هلع و أنا أرفع يدي إلى قلبي من الذعر
" دانه ... ماذا حدث ؟؟ "
" رغد ... رغد "
و عادت تلهث
" رغد ... رغد ... أخي ... أخي "
تجمّدت و انحبس نفسي الأخير في صدري
حاولت قول : ماذا
ألا أنني عجزت من الذعر
هززت رأسي و أنا أشد الضغط بيدي على صدري فوق قلبي ، كمن يحاول حماية قلبه من تلقي صدمة ما
كانت دانة تحاول النطق و عجزت إلا عن إصدار أصوات مبهمة ، و أشارت إلي أن اقترب
خطوت خطوة نحوها و نطقت أخيرا
" سامر "
هزّت دانة رأسها و قالت بصوت لا أعرف من أين خرج
" و
و
وليد
وليد عـــــــــــــــــــــــــــــاد " | |
|
| |
| انت لي, رواية راااائعة .... من اجمل ما قرأت | |
|