عاشق خلود مشرف منتدى الشعر والخواطر
الجنس : عدد المشاركات : 319 تاريخ الميلاد : 05/05/1969 العمر : 55 الموقع : السعودية ـ جدة تاريخ التسجيل : 21/03/2009
| موضوع: علاقتي مع الكتابة الثلاثاء فبراير 16, 2010 10:01 am | |
| علاقتي مع الكتابة
لأن الكتابة عشقي فعندما أكتب فإن سيلاً من المواقف تتدافع في ذاكرتي كلٌ منها يبحث عن حقه في الظهور ! أهُناك علاقة بين الكتابة و الذاكرة ؟ ارتباطهُما وثيقاً لا يقطعه حبرٌ انتهى أو مأساة وُلدت من رحم اللحظة ! إن كانت الذاكرة تحمل وجعاً يتدفق في مسار الحبر لينبثق على الأسطر مثل قطرات دمٍ تناثرت من يدٍ جُرحت فجأة هل ستكون الكتابة تحمل شيئاً من الفرح ؟! أجيبوني في أنفسكم و لا داعي لأن تفصحوا بذلك فأنا أعلم الإجابة إيماناً بها و إيقاناً بأنها مستحيل . نحن نكتب لأننا نريد أحياناً إفراغ الذاكرة و إلقاء محتوياتها المزعجة على الورق ظناً منا بأننا سنرتاح حينها لكن غالباً ما نصاب بخيبة حين يداهمنا بعد شعور الراحة الطفيف و جع البوح الذي يهزم صرامة الصمت و كبرياءِه. ذات ليلة بينما أنا أتجول يمنة و يسرة في غرفتي المتواضعة أنفض غبار كثيرٍ من الأشياء التي تتطلب مني القليل من الاهتمام مثل أي طاولة غبت عنها لأقضي مدة سفر و أعود مُمَرِرً أصبَعي عليها فـ استبشر بكمية غبار قادرة على تغيير لون جلدي ! فتحت نافذتي بمللٍ شديد ، نظرت للأعلى و أوجعني منظر الأفق لأعود بنظري إلى الأسفل مع نفسٍ عميق .. الضجيج بداخلي أكبر من ذرات الغبار المتطايرة في أنحاء الغرفة و نسمات الهواء النقية التي تتلاقى مع هواء غرفتي الملوث تضعف و تندمج بالتلوث شيئاً فـ شيئاً .. فالقوة تغلب و حركة الرياح خارجاً هادئة ، أحتاج لرياح تخطف ما أمامها بسرعة البرق لتُبقي كل شيءٍ بعدها هامد لا حِراك له و لا لضجيجه .. تحركت بخطى بطيئة و إذا بخطاي تقودُني إلى الخزانة التي احتفظ فيها بـ أوراقي ومذكراتي القديمة قادني الحنين إليها , أخرجتها من سجن الخزانة المميت و نفضت عنها غبار الفترة التي تركتها فيها حبيسة خزانة مخنوقة لا هواء يحتويها ولا سعة تهون على السجين البقاء بين جدرانها الضيقة. ضممت أوراقي ضمة قصيرة و ألقيت بها على السرير ليسقط طولي من أعلى الرف إلى الأرض .. كان سقوطي على محطة مناسبة لأنْ تحتفظ كل عظامي بتماسُكها فلا تتهشم ! على جانبٍ من السرير فتحت جهازي لأُلقي نظرة على آخر التطورات في هذا العالم ، لا أعلم ما الذي جعلني أرفع بصري و أصوبه تجاه أوراقي ومذكراتي المنكسرة وجعاً أمامي .. لقد كانت حزينة و أقول حزينة و أنا أعني ذلك .. إن لعمق عينيها نظرة كسيرة باكية ، كانت تلك النظرة كفيلة بأن تجعلني أذوب في حرارة تصل لدرجة الغليان. هـ أنا أسحبها و أضمها ضمة لم تكن سوى دموع . لا أنسى تلك النظرة و لا ذلك الوجع الذي يخبرني بأن شيئاً ما يحدث خارج حدود الوطن .. كأنما تبكي بكاء روحٍ قاسمتني إياها منذ أن دخلت منزلنا و سكنت أطراف عالمي الذي لا يهجره إلا الراحة ! حدثت رفيقي بذلك و أخبرته بحزن أوراقي لم يصدق . أصابته الدهشة و انفجر ضاحكا .. حاولت إقناعه بأن الأمر حقيقة بل و أرسلت له صوراً قديمة لمذكراتي تحمل جزءً من تلك النظرة الكسيرة و لكن محاولاتي باءت بالفشل . فبُحت بذات السر لرفيقي الأخر و الذي يشبهني كثيراً في كتاباتي و لكنه فاجأني بضحكة كبيرة هدمت كل ملامح الانتظار التي في وجهي . تلك الأشياء التي تتخذ من حياتنا مكاناً عظيماً و تُقاسِمُنا كل شيء حتى أدق تفاصيلنا ، فالعطر الذي يكون لنا نتشارك مع غيرنا نفس الرائحة فلا يُفرَقْ بيننا لمن يحتفظ بالرائحة كـ ذكرى ! حين نحزن فلن نرى في تلك الأشياء إلا الحزن ، و حين نفرح فـ سنغني سوياً و نتراقص في الهواء معاً. ان الحزن كـ العطر النفاث الذي حين يخرج من قارورته يصل لكل شيء و يتمسك به لفترة طويلة تكون كافية لأن نرى كل الكون باكياً ! لن نبصر النور و أعيننا مغمضة ، و لن نتغنى بالشروق و الغروب أقرب إلينا . كل ما حولنا يتلبس وشاح شعورنا إن كان حزناً فـ حزن و إن كان فرحاً فـ فرح مثل الكتابة تماماً. فلا تسألوني لِماذا كنت حزينً عندما كتبت هذه الخاطرة !
| |
|